عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-31-2020, 09:03 AM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي شحذ الهمم في بيان مشاهد شرعية من حديث : " يوشك أن تداعى عليكم الأمم"

بسم الله الرحمن الرحيم


مقالة بعنوان :
(شحذ الهمم في بيان مشاهد شرعية من حديث : " يوشك أن تداعى عليكم الأمم" )

[ مع محاضرة بالصوت والصورة في تفصيل معاني تلكم المشاهد ]


عن ثوبان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - عليه الصلاة والسلام - : " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن . فقال قائل : يا رسول الله - عليه الصلاة والسلام - وما الوهن ؟ . قال : حب الدنيا وكراهية الموت " انتهى.

* رواه أحمد و أبو داود وجود إسناده الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد ، و صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ، وقال الشيخ ابن باز في مجموع فتاويه : إسناده حسن.




* يوشك : للدلالة على القرب ، فهو من أفعال المقاربة / تداعى : أي دعاء بعضهم بعضا / الغثاء : ما يحمله السيل من زبد ووسخ / ينزعن : يخرجن / المهابة : الخوف والرعب / يقذفن : يرمين / الوهن : الضعف .

- تنبيه : تفسير النبي - عليه الصلاة والسلام - الوهن بحب الدنيا وكراهية الموت هو من باب ذكر سبب الوهن .. فتأمل.

هذا الحديث الصحيح الشريف الذي يخبر فيه النبي - عليه الصلاة والسلام - عما أطلعه الله عليه من الغيب يتضمن فوائد كثيرة.. ، وتقريرات بديعة.. ، و رأيت بيان (أهم) ذلك من خلال جملة من المشاهد الشرعية التي ينبغي شهودها علما وعملا .. قصد شحذ الهمم لمزيد التعرف عليها .. ، يقال لغة : شحذ همته : نشطها ، قواها ، أثارها .

وهذا رابط المحاضرة لمن رغب في الاستماع إلى تفاصيل الكلام عن تلكم المشاهد :
https://youtu.be/Nu7swTfuP84


وإليكم هذه المشاهد مرقومة باختصار شديد :

1 - [مشهد التحذير والشفقة والرحمة] :
ويتجلى هذا من الحديث في إخباره - عليه الصلاة والسلام - بتداعي الأمم على الأمة المصطفوية تحذيرا لها وشفقة ورحمة بها { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ..

2 - [مشهد التسلط] :
ويتجلى هذا من الحديث في إخباره - عليه الصلاة والسلام - بتداعي الأمم الذي حقيقته : ( تسلط الأعداء)! ..، و أساس هذا التسلط : ذنوبنا ومعاصينا.. { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } ..

3 - [مشهد السؤال خاصة زمن الفتن] :
ويتجلى هذا من الحديث في سؤال الصحابة - رضي الله عنهم - : ( ومن قلة نحن يومئذ)؟! ..، ( وما الوهن)؟ ..، فسؤال أهل العلم والحكمة زمن الفتن خاصة من دلائل الاستبصار ..

4 - [مشهد الحرص على ما ينفع] :

ويتجلى هذا من الحديث في عدم سؤال الصحابة - رضي الله عنهم - عن (تفاصيل)! كيفية تسلط العدو من غير حاجة .. ، وإنما كان سؤالهم عما ينفعهم .. أخذا بوصيته - عليه الصلاة والسلام - : " احرص على ما ينفعك "! ..، ويتأكد هذا زمن الفتن والمحن خاصة ..

5 - [مشهد حقيقة النصر] :

ويتجلى هذا من الحديث في بيان أن النصر الشرعي المرتبط بتوفر الشروط وزوال الموانع لا يتعلق بقلة العدد أو كثرته ..، وإنما النصر هو من عند الله تعالى.. ، وهو منوط أساسا بنصرنا لربنا جل وعلا = " الرجوع إلى الدين كما ينبغي"! ..، { إن تنصروا الله ينصركم } = " النصر الاستحقاقي "! ..

6 - [مشهد الاستضعاف] :

ويتجلى هذا من الحديث في قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ولكنكم غثاء كغثاء السيل) ..، وهو كناية عن الضعف بسبب حب الدنيا وكراهية الموت.. ، وتحت هذا المشهد إلماحة لضرورة مراعاة " فقه الاستضعاف "! ..بمبعدة عن التخذيل و الهزيمة النفسية ..، وبعيدا عن الاستعجال و الانفعالية ..
7 - [مشهد التعلق بالله تعالى والتضرع إليه سبحانه] :

ويتجلى هذا من الحديث في إخباره - عليه الصلاة والسلام - بنزع المهابة من صدور عدو أمتنا الإسلامية - و لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق.. كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح - ، وقذفه الوهن في قلوبنا ..
فالأمر - إذن - لله من قبل ومن بعد .. ، مما يستدعي التعلق به تعالى والتضرع إليه جل وعلا ..

8 - [مشهد العزة] :

ويتجلى هذا من الحديث في قوله - عليه الصلاة والسلام - : " ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم " ..، مما يدل أن مهابة العدو من أمة محمد - عليه الصلاة والسلام - كانت حاصلة.. ، وسبب حصولها : ( تمسكها بدينها كما ينبغي )! ..، وهذا يستوجب ضرورة اعتزاز الأمة الإسلامية بدينها كما يجب ..، ف " مهما طلبنا العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله " ..

9 - [مشهد تصحيح القلوب] :

ويتجلى هذا من الحديث في قوله - عليه الصلاة والسلام - : " وليقذفن الله في قلوبكم الوهن " ..، وهو يعني أن الضعف أساسه من القلوب.. ، مما يستدعي الاعتناء بتصحيح القلوب وحملها على السلامة.. ، { وثيابك فطهر } أي : قلبك فطهر كما قال جماهير علماء التفسير ..

10 - [مشهد التعلق بالآخرة ، والحذر من التعلق بالدنيا] :

ويتجلى هذا من الحديث في تفسيره - عليه الصلاة والسلام - الوهن بأنه : " حب الدنيا وكراهية الموت " ..
فالواجب إذن تعلق القلوب بالله والدار الآخرة.. ، والحذر من التعلق بالدنيا واللهث وراء زينتها وحطامها ...

وبه نهاية المشاهد ..، وهي عشرة كاملة .. ، أسأل الله تعالى أن يجعلها نافعة ..


كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني - عامله الله بلطفه الخفي و كرمه الوفي -
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس