عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 08-08-2017, 07:19 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


الأصل التربوي لمقام التزكية (مقام الصدق)

اعلم –وفقك الله- أن أصول الصدق مودعة في آية البر (177) من سورة البقرة.

قال الله –تعالى-: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.

مقاصد آية البر التي يقوم عليها الصدق:

1- أركان الإيمان.
2- ركنا الإسلام (إقام الصلاة)، (وإيتاء الزكاة).
3- أصول مكارم الأخلاق؛ (الكرم)، (الوفاء بالعهد)، (الصبر).

ويستعين على فهم هذه المقاصد بالتفاسير التي سبق ذكرها.
ويلقن أولاده بعد ذلك (حديث الصدق)
.




حديث الصدق

عَنْ عَبْدِ اللهِ –رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» (رواه مسلم).

المقصد الرئيسي لحديث الصدق، وأهميته:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
" فَأخْبر النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-: أَن الصدْق يسْتَلْزم الْبر وَأَن الْكَذِب يسْتَلْزم الْفُجُور.

وَقد قَالَ –تَعَالَى-: {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم}.

وَلِهَذَا كَانَ بعض الْمَشَايِخ إِذا أَمر متبعيه بِالتَّوْبَةِ وَأحب أَن لَا ينفر ويتعب قلبه أمره (بِالصّدقِ
وَلِهَذَا يكثر فِي كَلَام مَشَايِخ الدّين وأئمته ذكر الصدْق وَالْإِخْلَاص حَتَّى يَقُولُونَ: "قل لمن (لَا يصدق) لَا يَتبعني".

وَيَقُولُونَ: "الصدْق سيف الله فِي الأَرْض مَا وضع على شَيْء إِلَّا قطعه".

وَيَقُول يُوسُف بن اسباط وَغَيره "مَا صدق الله عبد إِلَّا صنع لَهُ".

وأمثال هَذَا كثير والصدق وَالْإِخْلَاص هما تَحْقِيق الْإِيمَان وَالْإِسْلَام"
(التحفة العراقية، ص: 39 – 40).

فإذا أتم العبد هذه المتون الأربعة؛
(آية الكرسي)، (والمنظومة التائية)، (وآية البر)، (وحديث الصدق)
يتأصل عنده (جانب التقوى). وهو قوة عمل القلب.

وبذلك تستنير (فطرة العبد)، ويصبح قلبه مستعداً لزيادة الإيمان،
والفهم عن الله –تعالى- كلامه والانتفاع به على أكمل الوجوه.


عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ،
«فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا»
(رواه ابن ماجه برقم: 61، وصححه الألباني).

فتحرص بعد ذلك على تلقين أولادك القرآن الذي هو أصل العلم الأول.

قال الخطيب البغدادي –رحمه الله-
: "يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، إِذْ كَانَ أَجَلَّ الْعُلُومِ وَأَوْلَاهَا بِالسَّبْقِ وَالتَّقْدِيمِ"
(الجامع لأخلاق الراوي: 1/106).


والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا الآمين
{رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}[المؤمنون: 118].



***


رد مع اقتباس