عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-17-2016, 01:12 AM
محمد السنغالي محمد السنغالي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 56
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد، فهذه محاولة للإجابة عن هذا السؤال المهم جزى الله سائله خيرا ، وذلك من باب الإستفادة لا من باب الإفادة حتى يوافق عليه المشايخ وفقهم الله وإيانا.
نص السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله.

سؤال لطلبة العلم في الحديث من باب الإستفادة:

متى يكون الوقف إعضالا ؟ مع التفصيل في الجواب.

وهل هذه الحالة مسلم بها عند المحققين من أهل الحديث وماهي الثمرة العملية الحديثية المرجوة منها ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولا الوقف: هو إضافة الحديث إلى من دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو نوعان:
1- وقف مطلق وهو:وقف الحديث على أحد الصحابة، فعندما يقال: هذا حديث موقوف. بدون أي تقييد فذلك يدل على أن هذا الحديث إنما هو من أقوال أحد الصحابة رضي الله عنهم.
2- وقف مقيد: وهو أن يروى الحديث عن أحد التابعين رحمهم الله، وذلك هو الحديث المقطوع، ولكن يجوز تسميته موقوفا بشرط أن تقيده بأحد التابعين مثل أن تقول: هذا الحديث موقوف على سعيد بن المسيب، أو على مسروق..الخ.
قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله:
الْمَوْقُوف: هُوَ مَا يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَوْ أَفْعَالِهِمْ وَنَحْوِهَا، فَيُوقَفُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُتَجَاوَزُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم قال رحمه الله: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالصَّحَابِيِّ فَذَلِكَ إِذَا ذُكِرَ الْمَوْقُوفُ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مُقَيَّدًا فِي غَيْرِ الصَّحَابِيِّ، فَيُقَالُ: " حَدِيثُ كَذَا وَكَذَا، وَقَفَهُ فُلَانٌ عَلَى عَطَاءٍ، أَوْ عَلَى طَاوُسٍ، أَوْ نَحْوَ هَذَا " وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(مقدمة ابن الصلاح\ 47\دار الفكر)
وقال الإمام السيوطي رحمه الله في ألفيته:
وَمَا يُضَفْ لِتَابِعٍ مَقْطُوُع ... وَالْوَقْفُ إِنْ قَيَّدْتَهُ مَسْمُوعُ
ص\14رقم البيت:122 \ العلمية
وقال في تدريب الراوي: الْمَوْقُوفُ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ الصَّحَابَةِ قَوْلًا لَهُمْ، أَوْ فِعْلًا، أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ تَقْرِيرًا (مُتَّصِلًا كَانَ) إِسْنَادُهُ، (أَوْ مُنْقَطِعًا، وَيُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِمْ) كَالتَّابِعِينَ (مُقَيَّدًا، فَيُقَالُ: وَقَفَهُ فُلَانٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ(تدريب الراوي\1\ 202\دار طيبة)
تنبيه: لا يخفى علي أن الحديث الموقوف هو ما أضيف إلى الصحابة رضي الله عنهم كما قال الإئمة، وإنما جئت بالتعريف السابق: إضافة الحديث إلى من دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم للكلام الذي جاء بعده.
أما الإعضال فهو: فهو أن يسقط في الإسناد راويان فأكثر على التوالي:
قال ابن الصلاح في تعريف المعضل: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا.
(السابق\ 59)
فمن هنا يتبين لنا أن الوقف قد يكون إعضالا أحيانا وذلك عندما يسقط تابع التابعي الصحابي ولا يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيروي الحديث مقطوعا بعد ذكر التابعي مباشرة بدون أن يذكر الصحابي ولا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك يتم إذا كان الحديث روي من وجه آخر عن ذلك التابعي متصلا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابن الصلاح رحمه الله: إِذَا رَوَى تَابِعٌ عَنِ التَّابِعِ حَدِيثًا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَوْعًا مِنَ الْمُعْضَلِ.
مِثَالُهُ: " مَا رُوِّينَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: " عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: مَا عَمِلْتُهُ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ... . . " الْحَدِيثَ. فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتَّصِلًا مُسْنَدًا.
قلْتُ: هَذَا جِيدٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الِانْقِطَاعَ بِوَاحِدٍ مَضْمُومًا إِلَى الْوَقْفِ يَشْتَمِلُ عَلَى الِانْقِطَاعِ بِاثْنَيْنِ: الصَّحَابِيِّ وَرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقِ اسْمِ الْإِعْضَالِ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(المقدمة60\61)
ولكن هل هذا مسلم به على إطلاقه عندهم؟
مما ظهر لي في هذا الأمر أن بعضهم جاء بهذا الفرع مطلقا بدون تقييد وعلى هذا فسيلحق بذلك كل ما روي عن التابعي مما لا مجال للرأي فيه. كما قال الإمام السيوطي رحمه الله في الألفية:
وَمِنْهُ حَذْفُ صَاحِبٍ وَالْمُصْطَفَى ... وَمَتْنُهُ بِالتَّابِعِيِّ وُقِفَا (ص\ 15،برقم\ 137)
ولكن تعقبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى فقال:
هذا على إطلاقه غير جيد، فإن ما يقوله التابعي كلام من كلامه فقط، حتى ولو كان مما ليس للرأي فيه مجال، فإنه لعله نقله عن ضعيف أو عن الإسرائيليات، أو لعله رأى ما يقوله يدخل تحت الإجتهاد، والصحيح ما عبر عنه النووي في التقريب، قال: (وَإِذَا رَوَى تَابِعُ التَّابِعِيِّ، عَنْ تَابِعِيٍّ حَدِيثًا، وَقَفَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَ ذَلِكَ التَّابِعِيِّ مَرْفُوعٌ مُتَّصِلٌ فَهُوَ مُعْضَلٌ) وهذا الرأي رأي الحاكم، وقد ذكر له مثالا حديث الأعمش عن الشعبي قال: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: مَا عَمِلْتُهُ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ..) الحديث أعضله الأعمش ووصله فضيل بن عمرو عن الشعبي عن أنس قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم)الحديث. وقد رواه مسلم من طريق فضيل بن عمرو، وهذه الصورة باسم(المرسل) أولى بل هي داخلة فيه. وإطلاق اسم (المعضل) عليها جائزة أيضا كما هو ظاهر. (انتهى من تعليقه رحمه الله على البيت السابق ذكره)
و إليك الحديث الذي أشار إليه من صحيح مسلم رحمه الله:
(2969) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟» قَالَ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ "
فتبين من هذا الكلام النفيس أن هذه الصورة إذا أطلقت بدون قيد فلا بد أن تنسب أشياء كثيرة من الإسرائيليات وأقوال التابعين واجتهاداتهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلذا لا بد من تقييد هذه الصورة بذلك القيد السابق ذكره وهو: أن يروي تابع التابعي ذلك الخبر عن التابعي معضلا ويكون قد روي هذا الخبر عن التابعي من وجه آخر متصلا، وتلك هي الثمرة العلمية الحديثية المرجوة في هذا الباب، والله أعلم.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

رد مع اقتباس