النصيحة التعليمية التربوية ( 10 ) . .
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخلاق الفاضلة بريد الحق
اعلموا - سلمكم الله – أن الأخلاق الفاضلة بريد الحق إلى القلوب الغافلة .
وما نقلت العلوم إلى القلوب بمثل الأخلاق الحسنة فهي مراكب فاضلة شريفة بها يسمو محمولها ويزداد بهاءا وزينة ، كما قال سُفْيَان الثَّوْرِي – رحمه الله - : «زَيِّنُوا الْحَدِيثَ بَأَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَزَيَّنُوا بِالْحَدِيثِ» .
فعلى طالب العلم أن يتعاهد أخلاقه كما يتعاهد محفوظاته . بل عليه أن يتعلم الأخلاق الحسنة والهدي الفاضل كما يتعلم العلم ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْهَدْيَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ» .
وليجعل الطالب الأخلاق الحسنة أسس وأركان بنائه العلمي ، فخباء العلم بلا أوتاد الأخلاق لا يصمد عند زلازل المحن .
ولهذا حرص علماؤنا على العناية بأخلاق طلابهم فهذا مالك بن أنس – رحمه الله – يوصي : «إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ» .
بل إن حاجة طالب العلم إلى الأدب والخلق أكثر من حاجته إلى المعلومات ، فعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِلَى أَدَبٍ حَسَنٍ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى خَمْسِينَ حَدِيثًا» .
وعن عِيسَى بْنَ حَمَّادِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ، يَقُولُ: - وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَرَأَى مِنْهُمْ شَيْئًا - فَقَالَ: «أَنْتُمْ إِلَى يَسِيرٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ» .
ومن أجمل ما مثل به أفتقار العلم إلى الأدب ما قاله أَبَو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِي – رحمه الله -: " عِلْمٌ بِلَا أَدَبٍ كَنَارٍ بِلَا حَطَبٍ، وَأَدَبٌ بِلَا عِلْمٍ كَرُوحٍ بِلَا جِسْمٍ " .
فشبه الأدب بوقود النار التي لا دوام لها دونه ، ومتى قطع عنها خبت وانطفئت .
وقد كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - : " وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ " رواه مسلم .
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال .
***