[السلفي السطائفي]

بالنحو لكنت أنا الذي ابتكرته " ولكن بعد أن راجعناه في هذه المقولة نفى ذلك وحكى لنا قصة غاية في التواضع .
قال رحمه الله :" دخلت مرة محكمة سطيف من أجل تسوية بعض الأوراق فوضعت الملف في شباك أحد الموظفين وبعد قراءته للملف قال لي : أنت الشيخ لقريشي ؟
قال قلت :نعم .
فقال :هل قلت حقا لو كان الصاروخ يخرق الجو بالنحو لكنت أنا الذي ابتكرته ؟
فقال له الشيخ : لم أقل هذا ولكن اكتب هذه الأبيات وأملاها علينا حين سرده للقصة :
ما أنت أول سار غره القمر ورائـــــــد أعــــــجبته خــــــــضرة الدِّمَــــــن
فاختر لنفسك غيري فإنني رجل مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترن

ولتمكنه في كثير من العلوم انتدبه مدير الشؤون الدينية والأوقاف بسطيف لتكوين أئمة المساجد فكان يدرسهم واستفادوا منه رحمه الله واهتبلت الفرصة وطلبت منه أن نأخذ عنه
بعض العلوم فاستجاب رحمه الله ولم يتوان مع تقدمه في السن بل فرح لذلك وقال لي : "هذه فرصة المراجعة وإعادة النظر " وأخذت عنه مع مجموعة من إخواني ـــ رحمه الله ـــــ : علم النحو وبالضبط شرح قطر الندى (1) لابن هشام الانصاري ـــ رحمه الله ـــــ فأتينا عليه من أوله إلى آخره مع زيادات من حاشية السجاعي على القطر وغير الحاشية ثم شرعنا في الخلاصة (الألفية) لابن مالك بشرح ابن عقيل لكن سرعان ما آثر الشيخ غير النحو وقال مادمتم أخذتم القطر أو المقدمة فيكفي إن شاء الله فدرّسنا بعدها نزرا قليلا من علم أصول الفقه ثم متن ابن عاشر (2) مع حاشية ابن حمدون في الفقه على مذهب مالك (3) وكان رحمه الله
يفضلها على غيرها من الحواشي ووعد بمتن في علم المنطق ولم نكمل متن ابن عاشر وتوفي رحمه الله رحمة واسعة ، ووفق الله عز وجل مواصلة المسيرة العلمية مع غيره من إخواننا فأخذت علم الفرائض عن بعض أئمة المساجد ممن أخذه من أفواه أهله وأربابه ثم علم المنطق عن بعض دكاترة العلوم الاسلامية وبالضبط السلم المنورق في علم المنطق لعبد الرحمن الأخضري الجزائري وهو على ما فيه من أخطاء عقائدية وغيرها كما هو الحال بالنسبة لكثير من كتب اللغة والنحو والأصول وغيرها والتي يجب على الطالب السلفي أن يتحاشاها ،
ولكنه من المتون التي وُضع لها القبول فكم تناوله العلماء بالشرح وتفكيك عباراته وبيان مزالقه(4) وكان خاتمة الحفاظ العلامة محمد الأمين الجكني الشنقيطي يدرسه لبعض علماء المملكة العربية السعودية وهو الذي قرر بعد ذلك دراسة هذا الفن بجامعة العلوم الاسلامية بالمدينة النبوية ووضع لها كتابه المعروف بـــ " آداب البحث والمناظرة " كمذكرة في قسمين لطلبة كلية الدعوة وأصول الدين وهو مطبوع بتحقيق الشيخ العلامة "بكر أبو زيد" والذي اقترحه علي أحد الدكاترة فنحن ندرسه هذه الأيام نسأل الله أن نكمله ، وأشياء أخرى في مسيرة الطلب والتحصيل أسأل الله تعالى أن يديمها علي وعلى جميع إخواني وأن يرزقنا الصبر عليها مع الاخلاص والمتابعة وكل ذلك في عافية آمين .
ذكرت الذي ذكرت وقلت الذي قلت لا لشيء إلا لدفع التنقص والازدراء وأن يكون فيما ذكرت إن شاء الله ما يزمّ أفواه أهل البغي والحسد عن صنيعهم هذا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وكان يسميه بالمقدمة كما هي الإشارة إلى ذلك من المؤلف ــــــ رحمه الله ـــــــ

(2) من غير النظر ولو بطرف البصر إلى ما ابتدأ به ابن عاشر متنه من عقائد لأشعريته ولا ما ختم به من السلوك والرقائق لصوفيته ــــرحمه الله ــــــ والحمد لله على نعمة السنة والاتباع.
(3) المذهب الاصطلاحي لا الشخصي ، والحمد لله على نعمة التتلمذ على يد الشيخ ـــــــ رحمه الله رحمة واسعة ــــــــ فقد كانت هذه الدراسة المذهبية على يده سببا في الانتفاع من المطولات من كتب الفقه مع بعض إخواننا السلفيين من أئمة المساجد وغيرهم، فاللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد
4) انظر مثلا أخطاء الأصوليين في العقيدة لأبي محمد صالح كنتوش العدني ـــــ حفظه الله ــــ ففيه الإشارة بل العبارة الواضحة لما وقع فيه علماء المنطق من زلات عقائدية كتعريفهم للإنسان بأنه الحيوان الناطق فقد أبطل هذا التعريف بحجج نبوية وسنن سَنِيّة.