[السلفي السطائفي]

قال عفا الله عنه :" روح (اذهب) اسأل الشيخ الفوزان لي (الذي) يتكلم في شيخك الحلبي "وقال أيضا :" كل هؤلاء العلماء أئمة هذا العصر تكلموا في شيخك الحلبي"
أقول وما توفيقي إلا بالله :
هذه فرية أخرى فيها تهكُّم واحتقار وإلا أنت تعلم أن الحلبي حفظه الله ما كان يوما من الأيام من مشايخي بالمعنى الذي تقصده وقد يكون باعتبار آخر معتبر عند علماء الأمة شيخا لي فإن العلماء يقولون : " من علمك حرفا فهو شيخك في ذاك الحرف "
وعليه فهو شيخك أيضا بهذا الاعتبار لأنك بلا ريب استفدت منه ولو نزرا قليلا فيما مضى من الأعوام والسنين فقد كان مرجواً عندنا جميعا في الجزائر خاصة أيام شيخه الألباني رحمه الله فلا تنكر الجميل فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا يشكر الله من لا يشكر الناس "(1) وعليه فأنت أيها الدكتور بهذا الاعتبار شيخ لي فقد استفدت من بحوثك في مجلة الإصلاح ومن غير إنكار للجميل أقول : جزاك الله خيرا ولكنك أخي الكريم غفر الله لك وعفا عنك تقصد المشيخة الوهمية الخيالية التي علقت بذهنك وهي كما قلت الحلبية التي لا أرضاها لنفسي ولا يرضاها الشيخ علي الحلبي لنفسه فلم تتهمنا بما لا نرضى ؟ فاتق الله في إخوانك.
ثم هل يرضى أخي الدكتور أن أنسبه إلى جماعة ما ؟ فإن كنت لا ترضى والأمر كذلك فلم ترضاه لي ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير" (2) ومحبة الخير لإخوانك واجبة في مسائل الدين وفيها تفصيل في مسائل
الدنيا ليس هذا محله .
وعلى ذكر المشيخة والتصدر للدعوة بذاك التهكُّم والازدراء والاحتقار والتهويل من أخي
ــــ عفا الله عنه ـــــ أقول لأخي : إن درجتي ما دون طلاب العلم وأرجو أن أكون منهم وما ذلك على الله بعزيز
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح
غير أن هذه الدرجة لم تمنعْني من الاجتهاد في الطلب والتحصيل ــــ والحمد لله رب العالمين ــــ
فقد تلقيت العلم من شيخي مدني لقريشي ــــ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ــــ ، جثيا على الركب في بيت الله عز وجل لا في الجامعات المختلطة حيث الشهوات والشبهات
وقلة البركات وهو من هو في العلم فجلّ الناس وخاصة الكبار منهم في مدينتنا ــــ سطيف ــــ
يـعرفون أن الشيخ ــــ رحمه الله رحمة واسعة ـــــ من أبرز تلاميذ الشيخ البشير الإبراهيمي (3) ـــــ
رحمه الله ــــ فقد تلقى عنه العلم كما حدثنا هو بنفسه بمسجد أبي ذر الغفاري ــــ رضي الله عنه ــــ المعروف عندنا بمسجد المحطة وبغيره من دور العلم كما أخذ عن غيره كالشيخ السي حمدي نسبة إلى أولاد سي أحمد بعين ولمان وكان يذكره كثيرا ويحبه ويصفه بالعلم و الشجاعة غير أنه يفضل الشيخ البشير الإبراهيمي ويقدمه عليه.
وشيخي مدني لقريشي عرف بالنباهة والذكاء والتقدم في كثير من العلوم خاصة علوم العربية والتفسير وعلوم الآلة كالنحو والصرف والمنطق وغير ذلك من العلوم كأصول الفقه والفقه لكنه فاق أقرانه في علم النحو فقد قيل عنه إنه كان يقول :" لو كان الصاروخ يخرق الجو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما من حديث أبي هريرة وصححه الألباني في صحيح الجامع.
(2) رواه البخاري وغيره من حديث أنس وزيادة " من الخير " للنسائي وغيره كما قال الألباني وانظر الصحيحة له رحمه الله .
(3) الشيخ البشير الإبراهيمي الذي برز في شتى العلوم وأما العربية فقد ملك زمامها وذللت له تذليلا كما شهد له بذلك أهل مصر والحجاز والشام والعراق وقال عنه أهل المدينة حرسها الله وسائر بلاد المسلمين ــــ عند حلوله بها :" جاءنا عالما " ومكث بها خمس سنوات يتعلم ويعلم وحدث أن ألقى كلمة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه أحد علماء الهند المجاورين في المسجد فانبهر وقال له :" أجزتك أن تحدث بجميع مروياتي " فتحرج الشيخ من هذه الإجازة وردها وقال لذلك العالم الهندي ــــــ رحمه الله ــــ :" وهل سمعتها منك ؟" لأنه كان كما ينقلون عنه لا يعير للإجازات اهتماما ولا يلقي لها بالا .