* قال ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله تعالى ـ فِي كِتَابِه " الفُرُوسِيّة " (ص:299 وما بعدها ): " القَوْلُ الشَّاذّ هُوَ الذِي لَيْسَ مَعَ قَائِله دَلِيلٌ مِن كِتَابِ اللهِ وَلَا مِن سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا هُوَ القَوْلُ الشَّاذّ وَلَو كَانَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهلِ الأَرْضِ، وَأَمّا قَولُ مَا دَلّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ وَسُنّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ بِشَاذٍّ، وَلَو ذَهَبَ إِلَيْهِ الوَاحِدُ مِنَ الأمَّةِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ القَائِلِينَ وَقِلَّتَهُم لَيْسَ بِمِعيَارٍ وَمِيزَانٍ لِلحَقّ يعَيّر بِهِ وَيُوزَنُ بِهِ.
وَهَذِه غَيرُ طَرِيقَةِ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، وَإِنَّمَا هِيَ طَرِيقَةٌ عَامِّيّةٌ تَلِيقُ بِمَن بِضَاعَتُهُم مِن كِتَابِ اللهِ وَالسُّنّةِ مُزجَاةٌ.
وَأَمَّا أَهلُ العِلْمِ الذِينَ هُمْ أَهْلُهُ؛ فَالشُّذُوذُ عِنْدَهُم وَالمُخَالَفَةُ القَبِيحَةُ؛ هِيَ الشُّذُوذُ عَنِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقوَالِ الصَّحَابَةِ وَمُخَالَفَتُهَا، وَلَا اعْتِبَارَ عِنْدَهُم بِغَيْر ذَلِك، مَا لَم يُجمِع المسلِمُونَ عَلَى قَولٍ وَاحِدٍ، وَيُعلَم إِجْمَاعُهُم يَقِينًا، فَهَذَا الذِي لَا تَحِلُّ مُخَالَفَتهُ ".