الموضوع: الحياء
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 06-12-2012, 10:24 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي أم البراء على هذا الموضوع ونفع بك .
الحديث العشرون

عَنْ أَبيْ مَسْعُوْدٍ عُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحْيِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ)[149] رواه البخاري.

الشرح

قوله: "إِذا لَم تَستَحْيِ" يحتمل معنيين:

المعنى الأول:إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكون الأمر هنا بمعنى الخبر، لأنه لا حياء عنده، يفعل الذي يخل بالمروءة والذي لا يخل.

المعنى الثاني: إذا كان الفعل لا يُستَحَيى منه فاصنعه ولا تبالِ.

فالأول عائد على الفاعل، والثاني عائد على الفعل.
والمعنى: لا تترك شيئاً إذا كان لا يُستَحيى منه.

وقوله: "فاصنَع مَا شِئت" أي افعل،والأمر هنا للإباحة على المعنى الثاني،أي إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فلا حرج.

وهي للذم على المعنى الأول، أي أنك إذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت.

من فوائد هذا الحديث :
-
أن هذه الجملة: إِذا لَم تَستَحْيِ فاصنَع مَا شِئت مأثورة عمن سبق من الأمم، لأنها كلمة توجه إلى كل خلق جميل.
-
الثناء على الحياء، سواء على الوجه الأول أو الثاني، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ[151]
والحياء نوعان:
الأول:فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل.
الثاني:فيما يتعلق بحق المخلوق.

أما الحياء فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل فيجب أن تستحي من الله عزّ وجل أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك.

وأما الحياء من المخلوق فأن تكفَّ عن كل ما يخالف المروءة والأخلاق.

فمثلاً:في المجلس العلمي لو أن إنساناً في الصف الأول مدَّ رجليه، فإنه لا يعتبر حياءً لأن هذا يخالف المروءة، لكن لو كان مجلس بين أصحابه ومدَّ رجليه فإن ذلك لا ينافي المروءة، ومع هذا فالأولى أن يستأذن ويقول: أتأذنون أن أمدَّ رجلي؟.

ثم الحياء نوعان أيضاً من وجه آخر:
نوع غريزي طبيعي، ونوع آخر مكتسب.
النوع الأول:فإن بعض الناس يهبه الله عزّ وجل حياءً، فتجده حيياً من حين الصغر، لا يتكلم إلا عند الضرورة، ولا يفعل شيئاً إلا عند الضرورة، لأنه حيي.

النوع الثاني:مكتسب يتمرن عليه الإنسان، بمعنى أن يكون الإنسان غير حيي ويكون فرهاً باللسان، وفرهاً بالأفعال بالجوارح، فيصحب أناساً أهل حياء وخير فيكتسب منهم، والأول أفضل وهو الحياء الغريزي.


ولكن اعلم أن الحياء خلق محمود إلا إذا منع مما يجب، أو أوقع فيما يحرم ، فإذا منع مما يجب فإنه مذموم كما لو منعه الحياء من أن ينكر المنكر مع وجوبه، فهذا حياء مذموم، أنكر المنكر ولا تبالِ، ولكن بشرط أن يكون ذلك واجباً وعلى حسب المراتب والشروط، وحياء ممدوح وهو الذي لا يوقع صاحبه في ترك واجب ولا في فعل محرم.

-
أن من خلق الإنسان الذي لا يستحيي أن يفعل ما شاء ولا يبالي، ولذلك تجد الناس إذا فعل هذا الرجل ما يستحيى منه يتحدثون فيه ويقولون: فلان لا يستحيي فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا.
-
ومن فوائد الحديث على المعنى الثاني: أن ما لا يستحيى منه فالإنسان حل في فعله لقوله: إذَا لَم تَستَحْيِ فَاصنَع مَا شِئت.
-
فيه الرد على الجبرية، لإثبات المشيئة للعبد. والله الموفق.

شرح الأربعين النووية

للشيخ
محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس