عرض مشاركة واحدة
  #86  
قديم 12-08-2011, 04:06 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

85- هل فتاوى اللَّجنةِ الدَّائمة الموقَّرة القديمة بِخُصوص الإخوانِ والتَّبليغ لا تُعتبرُ مَنسوخةً للفتاوى الأخيرةِ للَّجنةِ الموقَّرة التي بيَّنت حالَهم وخاصَّة فتاوى العَلَمَين الجليلَين ابن باز والألباني في تلك الفِرقتَين؟ وخاصَّة أن هناك مَن يدَّعي -كخالد بن عبد الله المصلح- أنه يقول أنَّه لا نسخَ في فتاوى اللَّجنة والعُلماء، ومَن يقولُ بعدمِ النَّسخ يَستندُ إلى كلامِ ذلك الشَّيخ -آنِف الذِّكر-.
نرجو -شيخَنا- التَّوضيحَ في الأمر.
وبارك اللهُ فيكم، وجزاكم اللهُ كلَّ خيرٍ...
الجواب:
... قد يكون العالِم عندهُ قولٌ مَبنيٌّ على نقلٍ؛ فهذا النَّقلُ يتغيَّرُ له فيما بعدُ؛ فلا يجوزُ له أن يبقى على القولِ الأوَّل وقد تغيَّر القولُ الذي بُني عليه، فتراهُ يغيِّر ويبدِّل.
فمثلًا كلام الشَّيخ ابن عُثيمين في مسألة الحُكم بغيرِ ما أنزل الله؛ كان في كثيرٍ مِن الكتب السَّابقة يَنحَى إلى مَنحَى التَّكفير المطلَق، ثم في كُتُبه الأخيرة، وفي فتاواه -بخاصَّة- الأخيرة ذهب إلى التَّفصيل الذي عليه المشايخ -الشَّيخ الألباني، والشيخ ابن باز-، وهذا مِن توفيق الله -تَعالَى- لمشايِخنا في هذه القضيَّة الجليلة.
وكذلك الحال -بارك الله فيك-فيما ذكرتَ، وفيما أشرتَ إليه في مسألةِ بعض الأحزاب والجماعات-: فقد يوجَد لبعض المشايخِ أقوالٌ في هذه المسألة أو تلكَ، ثُم يظهرُ لَهم خلافُ ذلك؛ فماذا يَفعلون؟
وأنا -سبحان الله-الآن-وأنا أجيبك على هذا السُّؤال- تذكرتُ أمرًا -وهو خارجٌ عن المسألةِ، ولكنِّي أذكُرُه ربطًا بالكلمةِ التي ذكرتُها تعليقًا على كلام فضيلةِ الشَّيخ النَّجمي -حفظه الله-تعالى-.
كنتُ قبل أسابيع قليلة -أو حتَّى قبل عشرة أيَّام- في تُركيا، والتقيتُ بِمجموعة من الإخوة السَّلفيين، فكانوا يَذكرون لنا عن رجلٍ يدَّعي السَّلفيَّةَ -هنالك- أنَّه يأتِي بالنَّاسِ -مِن عامَّة النَّاس، أو خاصَّتهم-، ويُطلعهم على فتوى مُفتي بلادِ الحرمَين الشَّريفَين مفتي المملكة العربيَّة السُّعوديَّة -حرسها اللهُ-تعالَى-، يُطلعهم على كلامِ الشَّيخ عبدِ العزيز في مدحِ سيِّد قطب والدِّفاع عنه -وهو الكلام الذي كان قبلَ حوالي سَنة ونصف، أو نَحو ذلك-؛ فهذا ماذا يقول عنه الشَّيخُ النَّجمي -وهو الشَّيخ المُفتي الكبير- وهو يُؤيِّد سيِّد قطب ويُدافع عنه؟!
وسيِّد قطب -في نظري- ليس مثلَه ولا قريبًا منه؛ المغراوي وأبو الحسن وهؤلاء؛ فهؤلاء - على الأقل- يقولون: (نحن سلفيُّون) -وإن أخطؤُوا في واحدةٍ، أو اثنتَين، أو عشر-.
فهل يقول أنَّه لا يُؤخَذ العلمُ عن سَماحة المُفتي لأنَّ عليه هذه الملاحظة؟ أم أنَّ العدلَ أن يُقالَ: إنَّ المفتي جانبهُ الصَّواب -وإن كان شَيخًا فاضلًا عالِمًا جليلًا مُبارَكًا-، جانبهُ الصَّوابُ في هذه القضية؛ لأنَّ العلم الذي وصلهُ لَم يكنْ بالصُّورةِ الفُضلَى، لم يكن بالصُّورة الكاملة؛ وبالتَّالي: أخطأ بِحسبِ ما ظهر لنا ولكثيرٍ مِن مشايِخنا وإخوانِنا؛ بِحيث تكادُ تكونُ الكلمةُ شِبهَ مُتَّفِقة -أقول هذا تَحفُّظًا- على خطأ المفتي -حفظهُ الله- في كلامِه على سيِّد قطب.
فماذا موقف الشَّيخ النَّجمي من كلامِ المفتي وثنائِه على سيِّد قطب؛ بل ودفاعِه عنه؟!
أرجو أن تكونَ هذه نِهايةَ المطافِ في هذه القضيَّة.
وأرجو أن يعذرني الإخوةُ لِمعاودةِ القولِ فيها؛ فإنَّ المسألةَ حسَّاسة، ولو أنَّنا جعلنا كلَّ أخٍ أو شيخٍ أو عالِمٍ عليه مُلاحظة لا يؤخذ عنه العِلم؛ لما بقيَ لنا أحدٌ -لا كبيرٌ، ولا صغير-!!
فليس من إنسانٍ إلا وعليهِ ملاحظة -بل؛ وملاحظات-، وكلُّ بني آدمَ خطَّاء، وخَيرُ الخطَّائين التوَّابون، والإمامُ مالكٌ يقولُ: (ما مِنَّا إلا رادٌّ أو مَردودٌ عليه، إلا صاحبُ هذا القبرِ) وأشار إلى قبر النَّبي الأعظم -صلَّى الله عليهِ وعلى آله وصحبِه أجمعين-.
وأسأل اللهَ -تعالَى- أن يشرحَ صدرَ شيخِنا النَّجميِّ -حفظهُ الله- لِهذا القَول، وأن يأخذَه على سجيَّتِه وفِطرتِه وبَساطتهِ، مِن ابنٍ مِن أبنائه حريصٍ عليه، داعٍ له، راغبٍ به، وأن لا يجعلَ النُّقولَ -من هُنا وهنالك- مُفرِّقةً لكلمة السلفيِّين؛ بل ينصحُهم، ويُذكِّرهم، ويُشفق عليهم، ويعطفُ عليهم، ويرحمهُم؛ عسى أن يكونَ هذا -كلُّه- سبيلًا لرِفعةِ هذه الدَّعوة، ولعزِّها ومجدِها -ولو بعد حينٍ-.
والله وليُّ الصَّالحين.
المصدر: لقاء البالتوك (31/8/2006) -من لقاءات البالتوك القديمة، وفي ظني أنها في غرفة مركز الإمام الألباني-، (32:56). من هنـا لسماع اللقاء كاملًا.