عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 03-21-2011, 08:49 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي مباحث عقدية

مباحث عقدية

يبحث علم العقيدة في أركان الإيمان والأحكام الاعتقادية العلمية التي تتفرع عنها والتي أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينبغي على المكلف معرفتها والتصديق بها تصديقًا جازمًا لا شك فيه، فإن خالطه شكٌّ فيها، كانت ظنًا لا عقيدة، لقول الله - تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾. [سورة الحجرات 15].

ويكفينا شرفًا أن يكون أولها الإيمان بالله - تعالى - ثم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقضاء والقدر خيره وشره. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : "لما نزلت هذه الاية الكريمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ﴿للهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اشتدّ ذلك على الصحابة - رضي الله عنهم - وخافوا منها ومن محاسبة الله - عز وجل - لهم على جليل أعمالهم وحقيرها وهذا من شدة إيمانهم ويقينهم بالله - سبحانه وتعالى -، فأتواْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جثواْ على الركب وقالوا : يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : (﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فلما أقرّ بها القوم وذلّت بها أنفسهم، أنزل الله في أثرها : ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾.. فلما فعلوا ذلك نسخها الله - تعالى - فأنزل - سبحانه - : ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). رواه (مسلم). وفي الحديث "لما نزلت هذا الآية فقرأها - صلى الله عليه وسلم - قيل له عقب كل كلمة : (قد فعلت). انظر : [تفسير ابن كثير 1/ 451 ـ 452].

وفي رواية عن بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال : (كان أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجّين أو معتمرين، فقلنا : لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق الله لنا عبد الله بن عمر داخلًا في المسجد، فاكتنفتُه أنا وصاحبي، فظننت أن صاحبي سَيَكِلِ الكَلام إليّ، فقلت : أبا عبد الرحمن ! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويفتقرون العلم، يزعمون أن لا قدر والأمر أُنُفْ، فقال : إذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أني بريءٌ منهم، وهم براءٌ مني، والذي يَحلفُ به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحدٍ ذهبًا فأنفقه، ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر، ولا نعرفه، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال يا محمد ! أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا)، قال : صدقت، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)، قال : صدقت، قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك). قال : فأخبرني عن الساعة، قال : (ما المسئول عنها بأعلم من السائل)، قال : فأخبرني عن إماراتها، قال : (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة، العراة، العالة، رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، قال : صدقت، ثم انطلق، فلبثتُ ثلاثا، ثم قال : (يا عمر ! هل تدري من السائل ؟) قلت : الله ورسوله أعلم، قال : (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) (حديث صحيح). انظر : [سنن أبي داود 4/ 223 رقم 4595]. [وسنن ابن ماجه 1/ 24 رقم 63].

أما وجه العجب : فإن السؤال يدل على عدم علم السائل، والتصديق يدل على علمه، وقد زال عجب عمر - رضي الله عنه - بقوله - صلى الله عليه وسلم - : (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).

ومعنى أن تلد الأمة ربتها أيضا : أي تلد سيدتها، بأن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتًاً لسيدها وبنت السيد في معنى السيد، وقيل غير ذلك. انظر : [رياض الصالحين باب المراقبة رقم 61].

هذه هي أركان الإيمان وهذا ما يجب علينا أن نعتقده. إن الله - تعالى - خلق العباد لعبادته، ولم يخلق هذا الكوْنَ عبثًا ولا لهوًا ولم يترك عبادَهُ سُدًى، بل استخلفهم فيه، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبيّن الخير والشر، وعرّفهم بخالقهم وأسمائه وصفاته، ومرادِه ليستعدوا ليوم الفصل لا ريب فيه، يوم يقضي الله فيه بين العباد.


يتبع إن شاء الله تعالى.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس