{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر القرآن والسنة - للنساء فقط (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=49)
-   -   المجالس الأخوية في تقييد الفوائد والدرر العلمية من تفسير كلام رب البرية :: متجدد :: (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=6784)

أم رضوان الأثرية 05-20-2009 09:45 AM

المجالس الأخوية في تقييد الفوائد والدرر العلمية من تفسير كلام رب البرية :: متجدد ::
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـــيمِ






المَجَالِسُ الأَخَويَّةُ فِي تَقْيِيِدِ الْفَوائِدِ وَالدُّرَرِ الْعِلْمِيَّةِ مِنْ تَفْسِيِرِ كَلَاَمِ رَبِّ الْبَرِيَّةِ



الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا، قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا، مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا، وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَىَ مَنْ نَزَلَ إِلَيْهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ بِكَلاَمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُحَمَّدٍ خَاتَم الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وِمَنْ تَبِعَه بِإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ، أَمَّا بَعدُ ...


"فَإنَ المجالسَ عَلَى أنـواعٍ:

مجـالسُ هــدى ومجـالسُ هــوى،
مجـالسُ خيـرٍ ومجـالسُ شـرٍ،
مجـالسُ عِلمٍ ومجـالسُ لهوٍ،
مجـالسُ شهواتٍ وشبهاتٍ ومجـالسُ آيــاتٍ وأحـاديثٍ،
مجـالسُ دنيـا ومجـالسُ آخـرةٍ،
مجـالس يقـوم أصحابُهَا كأنَّما تفرقـوا مِن جيف ومجـالس هي رياض من رياض الجنة.

ولا شك أنَّ خير المجالس هي مجـالس العِلم حيث سماها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم رياضَ الجنة فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا) قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟
قَالَ: (حِلَقُ الذِّكْرِ).

[سنن الترمذي: 5/532، رقم الحديث (3510) حسنه الألباني]" (1)




"وإن أشرف العلوم على الإطلاق وأولاها بالتفضيل على الاستحقاق وأرفعها قدرًا بالاتفاق هو: علم التفسير لكلام القوي القدير إذا كان على الوجه المعتبر في الورود، والصدر غير مشوب بشيء من التفسير بالرأي الذي هو من أعظم الخطر، وهذه الأشرفية لهذا العلم غنية عن البرهان قريبة إلى الأفهام والأذهان يعرفها من يعرف الفرق بين كلام الخلق والحق، ويدري بها من يميز بين كلام البشر وكلام خالق القوى والقدر فمن فهم هذا استغنى عن التطويل ومن لم يفهمه فليس بمتأهل للتحصيل، ولما كان هذا العلم بهذه المنزلة الشامخة الأركان العالية البنيان المرتفعة المكان" (2) فقد اقترحت عليَّ أختنا وحبيبتنا الناصحة الفاضلة أم ياسر آل شاوي الجزائرية ـ جزاها الله تعالى عني خير الجزاء ـ تدارس تفسير كلام ربنا ـ عَزَّ في علاه وعَظُمَ في عالي سماه ـ فكانت هذه المجالس الأخوية التي مَنَّ الله تعالى بها عَليَّنا بفضله وتوفيقه فله الحمد في الأولى والآخـرة، تدارسنا فيها معًا إلى سورة الأعلى ثم توقفنا لأمر قدره الله تعالى، ثم اكملت بعدها القراءة والتقييد سائرة على نفس الطريقة التي ابتدأت بها مع أختنا الحبيبة ووفقًا لما نصحتني به عند بداية المدارسة، سائلة الله تعالى في كل حين أن يوفقنا ويقدر لنا العودة للمدارسة معًا.


الهدف من هذه المدارسة؟!

كان الهدف من هذه المدارسة "تدبر كلام الله سبحانه وتعالى الذي فيه الهدى والنور، والعصمة والنجاة والسعادة في الدارين، وفيه قيام الدين والدنيا، فإن الله سبحانه إنما أنزل القرآن للتدبر والتفكر في معانيه لا لمجرد التلاوة بدون تدبر قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [ص: 29] فإن تدبر كلام الله تعالى وفهم معانيه هو الثمرة من تلاوته".
قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى ناصحًا حامل القرآن: (ينبغي له أن يتعلم أحكام القرآن فيفهم عن الله مراده وما فرض عليه فينتفع بما يقرأ ويعمل بما يتلو فما أقبح بحامل القرآن أن يتلو فرائضه وأحكامه عن ظهر قلب وهو لا يفهم معنى ما يتلوه فكيف يعمل بما لا يفهم معناه وما أقبح به أن يسأل عن فقه ما يتلوه ولا يدريه فما مثل من هذه حالته إلا كمثل الحمار يحمل أسفارا) (3) .

ومَنْ جَرَّب قراءة القرآن بتدبر عَلِمَ صدق مقولة شيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى حيث قال: (فلو عَلِمَ الناسُ ما في قراءة القرآن بالتدبر، لاشتغلوا بها عن كل ما سواها) (4) .



لماذا تفسير الشيخ الفقيه العلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى؟

كان الاقتراح البدء في المرحلة الأولى بتفسير الشيخ الفقيه العلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى لجزء عَمَّ، وتم اختيار تفسير الشيخ رحمه الله تعالى نظرًا لميزات تميز بها تفسيره من: وضوح العبارة، ودقة المعنى، وتفسير القرآن بالقرآن، والبعد عن التكلف، إضافـة إلى الوعـظ بالقـرآن الكريم، وكفى بـه موعظـة؛ فجمع رحمه الله تعالى في هذا التفسير بين بيان المعنى والوعـظ بكتاب الله تعالى.


ما سبب اختيار جزء عَمَّ؟!!

أمَّا سبب اختيار هذا الجزء ـ أي جزء عَمَّ ـ كمرحلة أولى فالسبب كما ذكره الشيخ العثيمين حيث قال رحمه الله تعالى: (اخترنا هذا الجزء؛ لأنه يُقرأ كثيرًا في الصلوات، فيحسن أن يعرف معاني هذا الجزء).


كيف كانت خطـة المدارسـة؟

كانت خطة المدارسة بيننا هي كالتالي: قراءة الشرح كاملًا لكل سورة ثم تحديد الفوائد، فعنونتها وتدوينها كاملة في كراس خاص، وفي نهاية كل سورة نقوم بعمل فهرسة لهذه الفوائد، وهكذا عند الانتهاء من الكتاب يتحصل لنا فهرسة موضوعية يسيرة للكتاب كله بإذن الله تعالى.

وفي هذه المشاركة سأضع أسبوعيًا إن شاء الله تعالى فوائد مختارة لكل سورة من الفوائد التي تم تقييدها وليست كلها، مع دعوة للأخوات خاصة ولغيرهن عامة للاستفادة من هذه الفوائد القيَّمة وذلك يتطلب أولًا استحضار النية فإن وجدت فتنقيتها من الشوائب التي قد تتخللها لتكون خالصة لله وحده سبحانه وتعالى، وثانيًا حاولي أختي أن تنقلي هذه الفوائد إلى عائلتك كبيرهم وصغيرهم واحسني اختيار الوقت المناسب لذلك، وبعد حين ستجدي تشوق وتلهف منهم للمزيد، وبذلك سنساهم برفع الجهل عن أنفسنا وأهلنا في فهم كلام ربنا والله تعالى أعلى وأعلم.
وجزى اللهُ خيرًا مَن كانت ناصحة لي في البدء بهذه القراءة والتقييد،

واسأله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا ويوفقنا لطاعته ويرزقنا حسن الخاتمة والمآل.


أختكم في الله أم سلمة


ـــــــــــــــــــ

(1) من سلسلة (مجالس العلم) الشريط الصوتي رقم (1) للشيخ محمد بن رمزان الهاجري جزاه الله خيرا.
(2) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير: للعلَّامة محمد بن علي الشوكاني، 1/17 نقلًا عن النسخة الألكترونية للكتاب.
(3) الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمن من السُّنَّة وأحكام الفرقان: للعلَّامة الإمام أبي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح القرطبي، 1/53 نقلًا عن النسخة الألكترونية للكتاب.
(4) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة: لشيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية أبي عبدالله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي 1/187 نقلًا عن النسخة الألكترونية للكتاب.






(((( أخواتي العزيزات الموضوع منقول وسيتم نقل كل جديد يضاف إليه من فوائد بإذن الله تعالى فجزى الله صاحبة الموضوع الأخت الفاضلة أم سلمة الأثرية وكل من شاركت فيه بإضافة نافعة مفيدة ...

ومن هنا أدعو أخواتي في منتدى كل السلفيين إلى إثراء الموضوع بما هو نافع ومفيد بما يختص في هذا الموضوع وجزاكن الله خير الجزاء )))) .

أم رضوان الأثرية 05-20-2009 01:37 PM

d فَوَائِدٌ مُخْتَارَةٌ مِنْ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَاتِحةِ c

ــــــــــــــــ




لماذا سُميتْ هذه السورة بالفاتحة؟

سورة الفاتحة سمِّيت بذلك؛ لأنه افتتح بها القرآن الكريم؛ وقد قيل: إنها أول سورة نزلت كاملة.


لماذا سُميتْ هذه السورة بأُمّ القرآن؟
هذه السورة قال العلماء: إنها تشتمل على مجمل معاني القرآن في التوحيد، والأحكام، والجزاء، وطُرق بني آدم، وغير ذلك؛ ولذلك سمِّيت (أم القرآن) (1) ؛ والمرجع للشيء يسمى (أُمًّا).


ما هي مميزات سورة الفاتحة؟
هذه السورة لها مميزات تتميّز بها عن غيرها؛ منها:
· أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين: فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
· ومنها أنها رقية: إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال للذي قرأ على اللديغ، فبرئ: (وما يدريك أنها رقية) (2) .


:: ذِكْـرُ بعض الْبِدع المنتشرةِ بين النَّاسِ عن سورةِ الفاتحةِ ::
ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة:
· فصاروا يختمون بها الدعاء.
· ويبتدئون بها الخُطب.
· ويقرؤونها عند بعض المناسبات.
وهذا غلط: تجده مثلًا إذا دعا، ثم دعا قال لمن حوله: (الفاتحة)، يعني اقرؤوا الفاتحة؛ وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، أو في أحواله وهذا أيضًا غلط؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف، والاتِّباع.


=======================



بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـــيمِ


فائـدة عقديـة: هل الرحمة التي أثبتها الله سبحانه وتعالى لنفسه في البسملة حقيقية؟! وما الدليل؟

الرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية دلّ عليها السمع، والعقل.

ـ أما السمع: فهو ما جاء في الكتاب والسُّنَّة من إثبات الرحمة لله، وهو كثير جداً.

ـ وأما العقل: فكل ما حصل من نعمة، أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله.




الرد على منكري وصف الله تعالى بالرحمة الحقيقية وتحريفها إلى الإنعام أو إرادة الإنعام

أنكر قوم وصف الله تعالى بالرحمة الحقيقية، وحرّفوها إلى الإنعام، أو إرادة الإنعام، زعماً منهم أن العقل يحيل وصف الله بذلك؛ قالوا: (لأن الرحمة انعطاف، ولين، وخضوع، ورقة؛ وهذا لا يليق بالله عزّ وجلّ).

والرد عليهم من وجهين:

ـ الوجه الأول: منع أن يكون في الرحمة خضوع، وانكسار، ورقة؛ لأننا نجد من الملوك الأقوياء رحمة دون أن يكون منهم خضوع، ورقة، وانكسار.



ـ الوجه الثاني: أنه لو كان هذا من لوازم الرحمة، ومقتضياتها فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق سبحانه وتعالى فهي تليق بعظمته، وجلاله، وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصاً بوجه من الوجوه.


* ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ وجلّ، فإن ما نشاهده في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛ ولأن الرحمة كمال؛ والله أحق بالكمال؛ ثم إن ما نشاهده من الرحمة التي يختص الله بها ـ كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك ـ يدل على رحمة الله.
* والعجب أن منكري وصف الله بالرحمة الحقيقية بحجة أن العقل لا يدل عليها، أو أنه يحيلها، قد أثبتوا لله إرادة حقيقية بحجة عقلية أخفى من الحجة العقلية على رحمة الله، حيث قالوا: إن تخصيص بعض المخلوقات بما تتميز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنسبة لدلالة آثار الرحمة عليها أخفى بكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النباهة؛ وأما آثار الرحمة فيعرفه حتى العوام، فإنك لو سألت عامياً صباح ليلة المطر: (بِمَ مطرنا؟)، لقال: (بفضل الله، ورحمته).



:: مسألـة فقهيـة: هل البسملة آية من سورة الفاتحة أم هي آية مستقلة من كتاب الله تعالى؟!::

في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص، وسياق السورة.


ـ الدليل النصي على أن البسملة ليست من سورة الفاتحة

قد جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ:

(قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ
فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي.
وَإِذَا قَالَ : (الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي.
وَإِذَا قَالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي
فَإِذَا قَالَ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
فَإِذَا قَالَ: (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) ... إلخ
قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) (3) .

وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ وفي الصحيح عَنْ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏وَأَبِي بَكْرٍ ‏وَعُمَرَ‏ ‏وَعُثْمَانَ فَكَانُوا لَا يَذْكُرُونَ ‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏‏فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا) (4) والمراد لا يجهرون.

والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها.


ـ الدليل من سياق السورة على أنَّ البسملة ليست من الفاتحة: وهذا يأتي من جهتين: من حيث المعنى، ومن حيث اللفظ

* جهـة السيـاق من حيث المعنى: فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق؛ وإذا أردت أن توزع سبع الآية على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وهي الآية التي قال الله فيها: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)؛ لأن (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ): واحدة؛ (الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ): الثانية؛ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): الثالثة؛ وكلها حق لله عزّ وجلّ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ): الرابعة ـ يعني الوسَط ـ؛ وهي قسمان: قسم منها حق لله؛ وقسم حق للعبد؛ (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) للعبد؛ (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) للعبد؛ (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) للعبد..
فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى؛ وثلاث آيات للعبد وهي الثلاث الأخيرة؛ وواحدة بين العبد وربِّه وهي الرابعة الوسطى.


* جهة السياق من حيث اللفظ: إذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لَزِمَ أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين؛ ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل.
فالصواب الذي لاشك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة كما أن البسملة ليست من بقية السور.


=========================



(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)


ما معنى لفظ الجلالة (الله)؟

الله: اسمَ ربنا عَزَّ وجلَّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه. أي المعبود حبًا، وتعظيمًا.


ما معنى الرب؟
الرب: هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور.

لماذا وُصِفَتِ المخلوقات بكونها (عَالم)؟
قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته.


:: فائـدة في تقديم اسم (الله) ـ تعالى ـ على الرب ـ تقدست ذاته ـ في الآية ::

في هذه الآية تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛ وهذا إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛ وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط.


فائـدة فقهية: ماذا يقول المؤمن إذا اصابته سراء، وماذا يقول إذا أصابه خلاف ذلك؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات)؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: (الحمد لله على كل حال).


========================



(الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ)


ما العلاقة بين اسمي الرحمن والرحيم؟

الرحمن: هو ذو الرحمة الواسعة.
والرحيم: هو ذو الرحمة الواصلة.

فـ (الرحمن) وصفه؛ و (الرحيم) فعله؛ ولو أنه جيء بـ (الرحمن) وحده، أو بـ (الرحيم) وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر (الرحمن) بالوصف؛ و (الرحيم) بالفعل.


=====================



(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)


:: فائـدة في الجمع بين قراءتين لقوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ::

في قوله تعالى: (مالك) قراءة سبعية: (مَلِك)، و(الملك) أخص من (المالك).

وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن ملكه جَلَّ وعلا ملك حقيقي؛ لأن مِن الخلق مَن يكون ملكًا، ولكن ليس بمالك: يسمى ملكًا اسمًا وليس له من التدبير شيء؛ ومِن الناس مَن يكون مالكًا، ولا يكون ملكًا: كعامة الناس؛ ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ مَلِك.


ما الغاية من إثبات مُلك الله تعالى وملكوته في يوم الدِّين؟ أليس هو سبحانه مالك يوم الدِّين والدنيا؟!!

الجواب: بلى؛ لكن ظهور ملكوته، وملكه، وسلطانه، إنما يكون في ذلك اليوم؛ لأن الله تعالى ينادي: (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر: 16] فلا يجيب أحد؛ فيقول تعالى: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر: 16] ؛ في الدنيا يظهر ملوك؛ بل يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم؛ فالشيوعيون مثلًا لا يرون أن هناك ربًا للسماوات، والأرض؛ يرون أن الحياة: أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو رئيسه.


===========================



(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)


فائـدة عقديـة: لماذا جمع اللهُ سبحانه وتعالى بين العبادة والاستعانة في قوله عَزَّ وجَلَّ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)؟

العبادة: تستلزم أن يقوم الإنسان بكل ما أُمر به، وأن يترك كل ما نُهي عنه؛ ولا يمكن أن يكون قيامه هذا بغير معونة الله؛ ولهذا قال تعالى: (وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أي لا نستعين إلا إياك على العبادة، وغيرها؛ و(الاستعانة) طلب العون؛ والله سبحانه وتعالى يجمع بين العبادة، والاستعانة، أو التوكل في مواطن عدة في القرآن الكريم؛ لأنه لا قيام بالعبادة على الوجه الأكمل إلا بمعونة الله، والتفويض إليه، والتوكل عليه.


رد على شبهة: كيف تثبتون إخلاص الاستعانة بالله وقد جاء في القرآن إثبات المعونة من غير الله جَلَّ وعلا؟!

إن قال قائل: كيف يُقال: إخلاص الاستعانة لله وقد جاء في قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة: 2] إثبات المعونة من غير الله عزّ وجلّ، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة) (5) ؟

فالجواب: أن الاستعانـة نوعـان:
ـ استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عزّ وجلّ، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله عزّ وجلّ.

ـ واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزة إذا كان المستعان به حيًا قادرًا على الإعانة؛ لأنه ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة: 2].


فائـدة عقديـة: هل الاستعانـة بالمخلوق جائـزة في جميع الأحـوال؟

الجواب: لا؛ الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادرًا عليها؛ وأما إذا لم يكن قادرًا فإنه لا يجوز أن تستعين به: كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئًا؛ فكيف يعينه!!! وكما لو استعان بغائب في أمر لا يقدر عليه، مثل أن يعتقد أن الوليّ الذي في شرق الدنيا يعينه على مهمته في بلده: فهذا أيضًا شرك أكبر؛ لأنه لا يقدر أن يعينه وهو هناك.


فائـدة عقديـة وتربويـة: هل يجوز أن يستعين المخلوق فيما تجوز استعانته به؟

فالجواب: الأولى أن لا يستعين بأحد إلا عند الحاجة، أو إذا علم أن صاحبه يُسَر بذلك، فيستعين به من أجل إدخال السرور عليه؛ وينبغي لمن طلبت منه الإعانة على غير الإثم والعدوان أن يستجيب لذلك.



========================


(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)


بلاغـة قرآنيـة: فائـدة في حذف حرف الجر (إلى) من قوله تعالى: (اهدِنَا)؟

الفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية: التي هي هداية العلم، وهداية التوفيق؛ لأن الهداية تنقسم إلى قسمين:
هداية علم، وإرشاد.
وهداية توفيق، وعمل.

فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله عزّ وجلّ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ) [البقرة: 185] ؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2] وهذه قد يُحْرَمهَا بعض الناس، كما قال تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) [فصلت: 17] : (فَهَدَيْنَاهُمْ) أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا.



===========================



(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ * غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)


فائـدة منهجية وسلوكية وتربوية: القراءة التي ليست في المصحف الذي بين أيدي الناس لا تنبغي القراءة بها، والحكمـة من ذلك!!!

اعْلَمْ أن القراءة التي ليست في المصحف الذي بين أيدي الناس لا تنبغي القراءة بها عند العامة لوجوه ثلاثة:

الوجه الأول: أن العامة إذا رأوا هذا القرآن العظيم الذي قد ملأ قلوبهم تعظيمه، واحترامه إذا رأوه مرةً كذا، ومرة كذا تنزل منزلته عندهم؛ لأنهم عوام لا يُفرقون.

الوجه الثاني: أن القارئ يُتهم بأنه لا يعرف؛ لأنه قرأ عند العامة بما لا يعرفونه؛ فيبقى هذا القارئ حديث العوام في مجالسهم.
الوجه الثالث: أنه إذا أحسن العامي الظن بهذا القارئ، وأن عنده علمًا بما قرأ، فذهب يقلده، فربما يخطئ، ثم يقرأ القرآن لا على قراءة المصحف، ولا على قراءة التالي الذي قرأها، وهذه مفسدة.
ولهذا قال عليّ: (حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يُكذب الله، ورسوله) (6) .
وقال ابن مسعود: (إنك لا تحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة) (7) .

وعمر بن الخطاب لما سمع هشام بن الحكم يقرأ آية لم يسمعها عمر على الوجه الذي قرأها هشام خاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهشام: (اقرأ)، فلما قرأ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (هكذا أنزلت)، ثم قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّملعمر: (اقرأ)، فلما قرأ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (هكذا أنزلت) (8) ؛ لأن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فكان الناس يقرؤون بها حتى جمعها عثمان رضي الله عنه على حرف واحد حين تنازع الناس في هذه الأحرف، فخاف رضي الله عنه أن يشتد الخلاف، فجمعها في حرف واحد ـ وهو حرف قريش ـ؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي نزل عليه القرآن بُعث منهم؛ ونُسيَت الأحرف الأخرى؛ فإذا كان عمر رضي الله عنه فعل ما فعل بصحابي، فما بالك بعامي يسمعك تقرأ غير قراءة المصحف المعروف عنده؟!!
والحمد لله: ما دام العلماء متفقين على أنه لا يجب أن يقرأ الإنسان بكل قراءة، وأنه لو اقتصر على واحدة من القراءات فلا بأس؛ فدعْ الفتنـة، وأسبابهـا.


:: فائـدة أصولية وبلاغيـة: استخدام طريقة الإجمال ثم التفصيل في بيان المراد، في قوله تعالى: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) ::

فائدتـه: إن النفس إذا جاء المجمل تترقب، وتتشوق للتفصيل، والبيان؛ فإذا جاء التفصيل ورد على نفس مستعدة لقبوله متشوقة إليه.
ثم فيه فائدة ثانية هنا: وهو بيان أن الذين أنعم الله عليهم على الصراط المستقيم.


ما أسباب الخروج عن الصراط المستقيم؟
· إما الجهل.
· أو العناد.



انتهى ما أردتُ نقله هنا من فوائد من شرح الشيخ العلَّامـة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
على هذه السورة،

وأخيرًا انقل قول الشيخ بعد انتهائه من شرحها حيث قال رحمه الله تعالى:

"على كل حال السورة هذه عظيمة؛ ولا يمكن لا لي، ولا لغيري أن يحيط بمعانيها العظيمة؛ لكن هذا قطرة من بحر؛ ومن أراد التوسع في ذلك فعليه بكتاب (مدارج السالكين) لابن القيم رحمه الله".


ــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري في صحيحه: ص61، كتاب (الأذان)، باب (104: القراءة في الفجر)، حديث رقم (772)؛ وأخرجه مسلم في صحيحه: ص740، في كتاب (الصلاة)، باب (11: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة)، حديث رقم (878 [38] 395)؛ وأخرجه الترمذي في جامعه: ص1968، كتاب (تفسير القرآن)، باب (15: ومن سورة الحجر)، حديث رقم (3124)، ولفظه: (الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني).

(2) أخرجه البخاري في صحيحه: ص177، كتاب (الإجارة)، باب (16: ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب)، حديث رقم (2276)؛ وأخرجه مسلم في صحيحه: ص1068، كتاب (السلام)، باب (23: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار)، حديث رقم (5733 [65] 2201).
(3) أخرجه مسلم في صحيحه: ص740، كتاب (الصلاة)، باب (11: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة)، حديث رقم (878 [38] 395).
(4) أخرجه مسلم في صحيحه: ص741، كتاب (الصلاة)، باب (13: حجة من قال: لا يجهر بالبسملة)، حديث (رقم 892 [52] 399).
(5) أخرجه البخاري: ص232، كتاب (الجهاد)، باب (72: فضل من حمل متاع صاحبه في السفر)، حديث رقم (2891)؛ وأخرجه مسلم: ص837، كتاب (الزكاة)، باب (16: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف)، حديث رقم (2335 [56] 1009)، واللفظ لمسلم.
(6) أخرجه البخاري: ص14، كتاب (العلم)، باب (49: من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا)، رقم (127).
(7) أخرجه مسلم: ص675، (مقدمة الكتاب)، رقم (14).
(8) أخرجه البخاري: ص189، كتاب (الخصومات)، باب (4: كلام الخصوم بعضهم في بعض)، حديث (رقم 2419)؛ وأخرجه مسلم: ص805 – 806، كتاب (صلاة المسافرين)، كتاب (فضائل القرآن وما يتعلق به)، باب (48: بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف وبيان معناها)، حديث (رقم 1899 [270] 818).


((( منقول وسيتبع النقل للفوائد بإذن الله )))

أم رضوان الأثرية 05-23-2009 12:47 PM

هذه إضافة أخرى للموضوع كتبتها الخالة أم ياسر الجزائرية وفقها الله لكل خير




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمـ الله الرحمان الرحيم



الفاتحة ...أمّ الكتاب...
وما أدراك ما أمّ الكتاب !!

*عظّم الله تعالى شأنها وأعلى قدرها، وأجمل فيها ما فصّل -في قرآنه الكريم -بعدها، فاشتملت على مقاصده كلّها، على توحيده بأنواعه الثلاثة، و على يوم الدين والمعاد، وعلى طرق الأنبياء وأعدائهم وتقسيم الخليقة لأقسام ثلاثة وفيها فضيلة الدعاء وفيها طلب الهداية وسبيلها، وغيرها من الأسرار والعجائب والحكم والفوائد في آيات قليلة وإيجاز بليغ لا عجب بعده أن تسمّى: بـأمّ الكتاب!



* افتتح الله بها كتابه القرآن فسماها "القرآن"! وخصّها بالذكر فقال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾الحجر87



فكان من باب إطلاق العام وإرادة الخاص تعظيما وتبجيلا لها.
-قال أبو الوليد الباجي –رحمه الله- في كتاب الصلاة من المنتقى:
[... وإنما قيل لها القرآن على معنى التخصيص لها بهذا الإسم وإن كان كلّ شيء من القرآن قرآنا عظيمًا كما يقال في الكعبة "بيت الله" وإن كانت البيوت كلّها بيوت الله ولكن على سبيل التخصيص والتعظيم لمكة].

* وفرض على عباده أن يفتتحوا بها الصلاة وسمّاها "الصلاة"! كما جاء في مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ..." -قال الباجي-رحمه الله في المنتقى:[قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي بِنِصْفَيْنِ" ثُمَّ عَدَّ آيَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَسَمَّاهَا صَلَاةً لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا :

أَنَّ الصَّلَاةَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الدُّعَاءُ وَهَذِهِ هِيَ الصَّلَاةُ
الَّتِي أُمِرْنَا بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ بِهَا دُونَ سَائِرِ مَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهِ

وَذَلِكَ أَيْضًا يَصِحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ فَلَا يَقَعُ تَحْتَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلَاةِ غَيْرَ أُمِّ الْقُرْآنِ .

وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ ثُمَّ وَقَعَ التَّخْصِيصُ وَالْبَيَانُ
أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أُمُّ الْقُرْآنِ دُونَ غَيْرِهَا .

وَالْمَعْنَى الثَّانِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الصَّلَاةَ هِيَ الْأَفْعَالُ
لَكِنَّهُ سَمَّى أُمَّ الْقُرْآنِ صَلَاةً لَمَّا كَانَتْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهَا
وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ. ]أهـ



-قال الشيخ العلاّمة الألباني رحمه الله تعليقا على قول الله تعالى في الحديث القدسي:"قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عَبدِي ..."الحديث،
قال: أي الفاتحةُ وهُو إطلاقُ الكلّ وإرادةُ الجزءِ تعظيماً.
صفة صلاة النبي-عليه السلام-(الكتاب الأمّ)ص 314/طبعة المعارف.

* وأمر أن يُنَـادَى في الخلائق بقدرها الكريم، ومنزلتها الرفيعة العالية في الصلاة فعن أبي هريرة قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنـادي أنّه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد" صحيح سنن أبي داود رقم 733ص 154 / كتاب الصلاة والأذان والمساجد مكتب التربية العربي لدول الخليج.

* وفي التكرار والتأكيد والتشديد على قراءتها ما صحّ عن أبي هريرة –رضي الله عنه-أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خِداج، فهي خِداج، فهي خِداج، غير تمام" صحيح أبي داود/رقم 734/ كتاب الصلاة والأذان والمساجد/ مكتب التربية العربي لدول الخليج.

* وعن أبي سعيد بن المعلّى أنّ الرسول قال له : "...لأعلمنّك أعظم سورة من القرآن ... قبل أن أخرج من المسجد، قال: قلت:يا رسول الله قولك! قال: الحمد لله ربّ العالمين هي السبع المثاني التي أوتيت والقرآن العظيم". صحيح أبي داود رقم 1294 /ص 273 كتاب الصلاة والأذان والمساجد/ طبعة مكتب التربية.

ومن بديع أقوال شيخ الإسلام الثاني الطبيب الربّاني إبن قيّم الجوزية –رحمه الله- في سَـفْرِهِ النفيسِ "زاد المعـاد" :

[فَاتِحَةُ الْكِتاب، وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثانى، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارَها وأعطاها حقَّها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوى بها، والسرَّ الذى لأجله كانت كذلك.ولما وقع بعضُ الصحابة على ذلك، رقى بها اللَّديغ، فبرأ لوقته. فقال له النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "وما أدراك أنَّها رُقْيَة". ومَن ساعده التوفيق، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرارِ هذه السورة،
وما اشتملت عليه مِنَ التوحيد، ومعرفةِ الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثباتِ الشرع والقَدَر والمعاد، وتجريدِ توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى مَن له الأمر كُلُّه، وله الحمدُ كُلُّه، وبيده الخيرُ كُلُّه، وإليه يرجع الأمرُ كُلُّه، والافتقار إليه فى طلب الهداية التى هى أصلُ سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباطَ معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأنَّ العاقبةَ المطلقة التامة، والنعمةَ الكاملةَ مَنوطةٌ بها، موقوفةٌ على التحقق بها،
أغنتهُ عن كثيرٍ من الأدوية والرُّقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشرّ أسبابَه،... وتاللهِ لا تجدُ مقالةً فاسدةً، ولا بدعةً باطلةً إلاّ وفاتحةُ الكتابِ متضمِّنة لردّها وإبطالها بأقرب الطُرُق، وأصحِّها وأوضحِها، ولا تجدُ باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها إلاّ وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى
ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها... ] زاد المعاد 4/348 طبعة دار الرسالة.

هذا فيضٌ من غيض وقطرٌ من بحر
من فضائل هذه السورة العظيمة عند الله تبارك وتعالى...
ومن شاء الإستزادة والنهل من بحور علومها الغزيرة والتفقه في حِكمها الباهرة
وأسرارها العجيبة في الاستشفاء الروحي والبدني فعليه بكتب شيخ الإسلام
إبن تيمة الحرّاني وتلميذه البارّ إبن قيم الجوزية ففيها الشِفَا والكِفَا .


قال الشاعر:


ألم تر أن الله أعطاك سورة *** ترى كلَّ ملكٍ دونها يتذبذب.

والله وليّ التوفيق




و مرفق هنا فهرسة أولى لفوائد سورة الفاتحة ويتبع إن قدّر ربّي لي ويسّر وبارك مع كلّ نهاية سورة تعليق وتوجيه لي ولإخواني وأخواتي وفهرسة ...





أو من هنا وفقكم الله-إن لم يعمل الرابط أعلاه-
http://filaty.com/f/905/68827/fhrsa_al-mqdma_osora_al-fatha_am_al-ktab.pdf.html

ـــــــــــــــــــــــ

يتبع النقل للفوائد بإذنه تعالى ....

أم رضوان الأثرية 05-23-2009 02:48 PM

فتوى رقم ( 5658 ) من فتاوى اللجنة الدائمة


س: رجل في باكستان يسمى: محمد أمين، يدعي أن سورة الفاتحة لا تتضمن إلا حكمين فقط، الحكم الأول: ينتهي بقوله تعالى: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } والثاني: بقوله: { وَلَا الضَّالِّينَ } الأول: فيه بيان التوحيد، والثاني: فيه إثبات التقليد. فهل هذا التفسير ثبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من التابعين أو من أتباعهم، وفي أي كتاب يوجد هذا التفسير؟ وإذا كان الجزء الثاني يثبت التقليد فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم مقلدا -معاذ الله من ذلك- وهل يجوز تفسير القرآن بالقياس، وما الحكم في الرجل الذي يفسر القرآن برأيه وقياسه، هل هو مسلم أو كافر؟ والرجل يصر على هذا التفسير. أرجو الإجابة في ضوء القرآن والسنة، جزاكم الله خيرا ؟



ج: أولا :سورة الفاتحة تشتمل على أحكام كثيرة، بل تشتمل إجمالا على جميع ما في القرآن من أحكام ؛ ولذلك سميت: أم القرآن، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم بما سماها الله به: القرآن العظيم، وذلك فيما رواه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: « مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيت، فقال: "ما منعك أن تأتي؟" فقلت: كنت أصلي، فقال: " ألم يقل الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ " ؟ ثم قال: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟"، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد فذكرته، فقال: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته » .


وما رواه البخاري أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم » .


لكن هذه الأحكام مع كثرتها تنقسم إلى ثلاثة أقسام كما في الحديث القدسي:


الأول: حق محض لله، وهو ما اشتملت عليه الآيات الثلاث الأولى من توحيد الربوبية والأسماء والصفات،


والثاني: حق محض للعبد، وهو ما تضمنته الآيات: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ))


والثالث: يتضمن حق الله وحق العبد، وهو آية { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وكلاهما يسمى: توحيد العبادة،


ودليل ذلك: ما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: (( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: (( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )) قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) قال الله: هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) قال الله: هذه لعبدي ولعبدي ما سأل » رواه مسلم –


وبهذا يتبين أنه مصيب في قوله: إن أول سورة الفاتحة إلى آخر آية { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } في التوحيد.


ثانيا : دعواه أن بقية السورة في إثبات التقليد غير صحيحة، ولم يثبت ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة ولا التابعين -فيما نعلم- رضي الله عنهم، بل القول بدلالتها على إثبات التقليد تحريف للمراد بهذه الآيات، وقول على الله بغير علم،


وإنما المراد منها تعليم العباد كيف يدعون ربهم ويطلبون منه إرشادهم إلى الطريق الحق والصراط المستقيم، وتوفيقهم لاتباعه: عقيدة، وقولا، وعملا، وأن يجنبهم طريق من غضب الله عليهم، وهم الذين عرفوا الحق وأعرضوا عنه، كاليهود، وطريق من ضل عن الحق وعميت بصائرهم فلم يتبعوه، كالنصارى .


وبذلك يتبين أن الاستدلال بهذه الآيات على إثبات التقليد من باب التفسير بمحض الرأي قول على الله بغير علم وهو حرام، قال الله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز



المرجع : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - المجلد الرابع - التفسير - ص 187 - 190 -

أم زيد 05-24-2009 01:32 AM

فكرة طيبة أختي الفاضلة، وطرح موفق جزاكِ الله خيرًا.
لكن لدي استفسار : هل يقتصر النقل من تفسير الشيخ ابن عثيمين خاصة، ولجزء عم خاصة؟ أم أنه مفتوح لغيره من التفاسير، ولغيره من الأجزاء؟ أرجو التوضيح وفقك الله.

أم رضوان الأثرية 05-24-2009 04:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم زيد (المشاركة 25261)
فكرة طيبة أختي الفاضلة، وطرح موفق جزاكِ الله خيرًا.
لكن لدي استفسار : هل يقتصر النقل من تفسير الشيخ ابن عثيمين خاصة، ولجزء عم خاصة؟ أم أنه مفتوح لغيره من التفاسير، ولغيره من الأجزاء؟ أرجو التوضيح وفقك الله.

وجزاك الله خيرا أختي الطيبة والعزيزة أم زيد وحفظك الله ورعاك
وإليك يا طيبة جواب الأخت أم سلمة الأثرية حفظها الله حول استفسارك

هل يقتصر النقل من تفسير الشيخ ابن عثيمين خاصة، ولجزء عم خاصة؟

الجواب: نعم، لأن أصل المدارسة كانت من هذا الكتاب فقط كمرحلة أولى، للأسباب التي ذكرتها سابقًا في بداية المشاركة، وكما لا يخفاكِ أختنا الحبيبة أن العلماء يوصون دائما طالب العلم عندما يبدأ بمتن معين أن لا ينصرف لغيره حتى يكمله، لأن الانصراف والتنقل بين الشروح وإن كان لمتن واحد قد يشتت الذهن ويجعل الطالب يستصعب العلم بعد حين.
فلذا كانت المدارسة على هذا الأساس إكمال شرح جزء عَمَّ من تفسير الشيخ العلَّامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى، ثم لا يمنع ذلك من الاطلاع على بقية التفاسير الأثرية لهذا الجزء؛ ولكن بعد الانتهاء من الكتاب الأول.


أم أنه مفتوح لغيره من التفاسير؟
لا يمنع ما ذكرته سابقًا أن تشاركنا أختنا أم زيد أو غيرها من الأخوات الفاضلات الإضافة بفوائد على كل سورة من التفاسير الأثرية التي اطلعت هي عليها كما فعلت أنا أصلا بعد مشاركة أختي أم ياسر بكلام شيخ الإسلام الثاني رحمه الله تعالى عن سورة الفاتحة، فنقلت بعدها كلام الشيخ العلَّامة الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسيره لآية من سورة الفاتحة وكيف ترد على بعض أهل الأهواء في مسألة معينة، فالإضافة لإثراء الموضوع مطلوبة وأحسب أن ذلك يشحذ الهمم للجميع والله الموفق.

ولغيره من الأجزاء؟ أرجو التوضيح وفقك الله.
أما مسألة بقية الأجزاء فحاليًا نتدارس جزء عَمَّ فقط ونحاول إكماله على نفس الطريقة التي ابتدأنا بها إن شاء الله تعالى فالكثرة والتوسع في وقت واحد كما رأينا من تجارب سابقة في منتديات آخرى جلبت التكاسل والانقطاع بعد حين، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للمداومة على هذه المدارسة النافعة بإذن الله تعالى وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم في الحديث الصحيح: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)؛ وفي هذا الحديث "الحث على المداومة على العمل وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والاخلاص والاقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة" كما ذكر ذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم.

اسأل الله تعالى أن أكون أجبت على استفسار أختنا أم زيد وفقها الله تعالى لكل خير.

أم زيد 05-25-2009 12:35 AM

جزى الله أختي الكريمة أم سلمة خيرًا على التوضيح، وجزاك خيرًا أختي أم رضوان على توصيل كلامِها إليَّ -وصلك الله بهداه-.

وأهتبلها فرصة أدعو من خلالِها أختَنا الطيبة أم سلمة للمشاركة هنا، وإتحافِنا بمشاركاتها النافعة وفقها الله.

وأقترح في الختام تنسيق الفوائد التي هي من صلب تفسير ابن عثيمين -رحمه الله- - أي نستثني من ذلك المداخلات من التفاسير الأخرى - في ملف لتسهيل الطباعة، ثم الاستفادة منها في الجلسات الأخوية والعائلية -نفع الله بها-.

ولعل لي عودة لإثراء الموضوع معكن أخواتي الفاضلات.

أم رضوان الأثرية 05-28-2009 07:22 AM

وجزاك بمثله الله أختي الطيبة والعزيزة أم زيد وفي انتظار إضافاتك النافعة بإذن الله حفظك الله ورعاك ...



http://3yoonh.jeeran.com/fwasel/40.gif



كتبت أختنا أم سلمة الأثرية حفظها الله :


[فِي سُورَةِ الفَاتِحَةِ رَدٌ عَلَى كُلِّ مَنْ أنكَرَ إمامة الصِّديق أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]



قبل البدء بذكر فوائد سورة النبإ، رغبتُ بوضع إضافة عندما قرأت نقل أختنا أم ياسر
لقول العالم الرباني شيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى حيث قال:

(وتاللهِ لا تجدُ مقالةً فاسدةً، ولا بدعةً باطلةً إلاّ وفاتحةُ الكتابِ متضمِّنة لردّها وإبطالها بأقرب الطُرُق، وأصحِّها وأوضحِها)


ومِن المقالات الفاسدة التي ردت عليها هذه السورة: إنكار إمامة الصِّديق أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
حيث يقول المفسر الفقيه العلَّامـة النحرير محمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني الشنقيطي رحمه الله تعالى
في كتابه التحفة (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) عند قوله تعالى:
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ):

(لم يبين هنا من هؤلاء الذين أنعم عليهم، وبَيَّن ذلك في موضع آخر بقوله: (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [سورة النساء: 69].



وفي ذلك تنبيهان ـ الأول وهو محل الشاهد هنا ـ:
يُؤخذ من هذه الآية الكريمة صحة إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ لأنه داخل فيمن أمرنا الله في السبع المثاني والقرآن العظيم ـ أعني الفاتحة ـ بأن نسأله أن يهدينا صراطهم. فدل ذلك على أن صراطهم هو الصراط المستقيم.
وذلك في قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) وقد بَيَّن الذين أنعم عليهم فَعَدَّ منهم الصديقين، وقد بَيَّن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن أبا بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ من الصديقين، فاتضح أنه داخل في الذين أنعم الله عليهم، الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية إلى صراطهم فلم يبق لبس في أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الصراط المستقيم، وأن إمامته حق).انتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى.


[أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن بتصرف يسير: 1/8 من النسخة الألكترونية]


ولِمَنْ أراد مزيد فليراجعْ التفاسير الأثرية في بيان كيف تضمنت هذه السورة ردود على أهل البدع والأهواء.

أم زيد 06-01-2009 08:08 PM

بارك الله فيك أختي أم رضوان وفي الأختين الكريمتين أم سلمة وأم ياسر.

وهذه إضافة لعلها الخاتمة، ثم ننتظر أختنا الكريمة كي تبدأ بجزء عم.

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في " الفوائد " -نقلاً من " بدائع التفسير " (1/108-109):


للفاتحة قوَّتان:

قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية
وسعادتُه [أي: العبد] التامة موقوفة على استكمال قوتيه العلمية والإرادية.


واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة الطريق التي توصل إليه، ومعرفة آفاتها ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبها.
فبهذه المعارف الخمس يحصل كمال قوته العلمية، وأعلم الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها.


واستكمال القوة العملية الإرادية لا يحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد والقيام بها إخلاصًا وصدقًا ونصحًا وإحسانًا ومتابعةً وشهودًا لمنته عليه، وتقصيره هو في أداء حقه؛ فهو مستحيٍ من مواجهته بتلك الخدمة؛ لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه، ودون ذلك، وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته.

فهو مضطر أن يهديَه الصراط المستقيم الذي هدى إليه أولياءه وخاصته، وأن يجنبه الخروج على ذلك الصراط؛ إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال، وإما في قوته العميلة فيوجب له الغضب.


فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور؛ وقد تضمنتها سورة الفاتحة، وانتظمتها أكمل انتظام.

أم رضوان الأثرية 06-02-2009 06:23 AM

وفيك بارك الرحمن أختي أم زيد وجزاك المولى خير الجزاء على مشاركتك النافعة نفع الله بك
وها هي أولى الفوائد أنقلها من موضوع أختنا أم سلمة -حفظها المولى- من تفسير (جزء عم ) مع العلم أنها بدأت في إدراجها من وقت ليس بالقصير في موضوعها , ولكن أنا لم أقم بنقلها كلها مباشرة بل بين وقت وآخر ليتسنى للجميع القراءة ...






d فَوَائِدٌ مُخْتَارَةٌ مِنْ تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّبَإ c
ــــــــــــــــ

[ما هو النبأ الذي كان يتساءل عنه المُكَذِّبُونَ بآياتِ اللهِ سبحانه وتعالى؟]

هذا النبأ هو: ما جاء به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم من البينات والهدى، ولاسيما ما جاء به من الأخبار عن اليوم الاخر والبعث والجزاء.


*** ــــــــــــــــ ***


[اختلاف أصناف النَّاس في النبإ الذي جاء به رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم]

اختلف الناس في هذا النبإ الذي جاء به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم:
· فمنهم مَنْ آمن به وصَدَّق.
· ومنهم مَنْ كَفَرَ به وكَذَّب.
فبَيَّن اللهُ أن هؤلاء الذين كَذَّبوا سيعلمون ما كَذَّبوا به علم اليقين، وذلك إذا رأوا يوم القيامة.

*** ــــــــــــــــ ***


[ما الحكمةُ مِنْ بَيَانِ نِعَمِ اللهِ سبحانه وتعالى من بداية الآية (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) إلى الآية (وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا)؟]
بَيَّنَ اللهُ تعالى نِعَمه على عباده؛ ليُقَرر هذه النِّعم فيلزمهم شكرها.


*** ــــــــــــــــ ***


[لماذا سُميَّ يوم القيامة بيوم الفصل؟]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا):
هو يوم القيامة، وسمي يوم فصل؛ لأن الله يفصل فيه بين العباد فيما شجر بينهم، وفيما كانوا يختلفون فيه، فيفصل بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل الكفر وأهل الإيمان، وأهل العدوان وأهل الاعتدال، ويفصل فيه أيضًا بين أهل الجنة والنار، فريق في الجنة وفريق في السعير.


*** ــــــــــــــــ ***


[إخبار الله عَزَّ وَجَلَّ أنَّ يومَ القيامةِ مؤقتٌ بأجل معدود لا يُزاد عليه ولا ينقص منه، هـذه حقيقـة يغفل عنها البعض]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا):
يعني موقوتًا لأجل معدود كما قال تعالى: (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ) [هود: 104]. وما ظنك بشيء له أجل معدود وأنت ترى الأجل كيف يذهب سريعًا يومًا بعد يوم حتى ينتهي الإنسان إلى آخر مرحلة، فكذلك الدنيا كلها تسير يومًا بعد يوم حتى تنتهي إلى آخر مرحلة، ولهذا قال تعالى: (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ) كل شيء معدود فإنه ينتهي.

*** ــــــــــــــــ ***


[لماذا سُمْيت جهنم بهذا الاسم؟!!]

سُميت بهذا الاسم؛ لأنها ذات جُهمة وظُلمة بسوادها وقعرها ـ أعاذنا الله وإياكم منها ـ وهي مرصاد للطاغين.


*** ــــــــــــــــ ***


[هل جهنم مخلوقة وموجودة الآن؟!! وما الدليل على ذلك؟]

قد أعدها الله عَزَّ وَجَلَّ لهم من الآن، فهي موجودة كما قال تعالى: (وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [آل عمران: 131]، ورآها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم حين عُرضت عليه وهو يصلي صلاة الكسوف[1] ورأى فيها امرأة تُعَذَّب في هرة لها حبستها لا هي اطعمتها ولا هي ارسلتها تأكل من خِشاش الأرض[2]، ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يَجُر قُصْبَهُ في النَّار[3] ـ يعني امعائه ـ؛ لأنه كان أول من أدخل الشرك على العرب.


ـ يتبـع إن شاء اللهُ تعالى ـ


ــــــــــــــــ
[1] أخرجه البخاري: رقم (431)، كتاب (الصلاة).
[2] أخرجه مسلم: رقم (904)، كتاب (الكسوف).
[3] أخرجه البخاري: رقم (2623)، كتاب (التفسير)، وأخرجه مسلم: رقم (2856)، كتاب (الجنة).


ـــــ
منقول
ـــــ


الساعة الآن 06:39 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.