{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=50)
-   -   خطب ومواعظ من حجة الوداع - تأليف فضيلة عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=32501)

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-31-2011 04:21 AM

خطب ومواعظ من حجة الوداع - تأليف فضيلة عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
 

خطب ومواعظ من حجة الوداع

تأليف فضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
- حفظه الله تعالى -.

المقدمـــة :

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وأشد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد : فإن خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواعظه في حجَّته التي ودَّع فيها المسلمين ذاتُ شأنٍ عظيمٍ ومكانةٍ سامية، قرَّر فيها - عليه الصلاة والسلام - قواعد الإسلام، ومجامع الخير، ومكارم الأخلاق بكلمات بالغات، وعظاتٍ نافعات، ممّن أوتيَ جوامِعَ الكلِم وبدائع الحكم، وكمال النصح، وحسن البيان، وجزالة الألفاظ، وفصاحة القول، مع رحمةٍ بالغةٍ وشفقةٍ عظيمة وحرصٍ على نفع العباد، وإخراجهم مِنَ الظلمات إلى النور.
﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة 128].
﴿قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ۞ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [سورة الطلاق 10 – 11].

ولمّا كان الحج خير مقامٍ لنصح العباد وتعليم الخير، إذ فيه يجتمع المسلمون مِن أقاصي الدنيا ، وأنحاء المعمورة، مُلبّين نداء الله، قاصدين بيته الحرام، راجينَ رحمته، خائفين مِن عذابه، فإنّ خير هديّةٍ تُقدّم لهم، وأتمّ فائدةٍ يظفرون بها أن يقفوا على خطبِ نبيّهم - عليه الصلاة والسلام -، ومواعظه في هذه المشاعر المُباركة في حجـــة الوداع، فهوَ الناصِحُ الأمين، والمُبلّغ المُشْفِق،والمُربي الحكيم، وهوَ أنصَحُ الناس للناس،بل هوَ قدوَةُ الناصحين، وأسوةُ عباد الله أجمعين.

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرً [سورة الحزاب 21].
وفي هذا الكُتيِّب جمعٌ لطائفةٍ نافعةٍ وجملةٍ مُباركةٍ، ونُخبةٍ طيبةٍ من خُطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواعظه في حَجَّة الوداع، مع شيءٍ من البيان لدلالاتها والتوضيح لمراميها وغايتها، مما أرجو أن يكون زادًا للوُعَّاظ، وذخيرةً للمُذكِّرين، وبُلغةً للناصحين، مع الاعتراف بالقصور والتقصير، وقد جعلتُها في ثلاثة عشر درسًا متناسبةً في أحجامها ليتسنَّى بيُسر إلقاؤها على الحُجَّاج أيام الحج على شكل دروس يومية.

وأسأل الله الكريم أن ينفع به، وأن يجعل فيه البركة، وأن يكتب له القبول، فالتوفيق بيده وحده لا ربّ سواه، ولا إله إلا هو، ولا حوْلَ ولا قُوّة إلا به، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وآله وصحبه.

وكتبه

فضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر- حفظه الله تعالى -.


الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

رابط الوصول : http://www.islamhouse.com/p/344679

تحميل مباشر

يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
________

[1] مِن كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص : [5 – 7].

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-31-2011 04:37 AM

مكانة خُطبه - صلى الله عليه وسلم – في حجـــة الوداع.
 
خطب ومواعظ من حجة الوداع [1] .

[1]

مكانة خُطبه - صلى الله عليه وسلم – في حجـــة الوداع

إن أحسن الخطب وأوفاها بياناً، وأتمها نصحاً، خُطبُ نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم –، فقد جمع الله له في خطبه المُنيفة جمال البيانِ، وحسنَ الإفهام، وقلة الفاظ الكلام، بل ما سَمعَ قط كلامُ أحدٌ مِنَ البشر أعمّ نفعاً ولا افصحُ معنىً ولا أصدقُ لفظاً، ولا أحسن موقعاً، ولا أسهلُ مخرجا، ولا أوفى نصحا مِن كلامِهِ الشريف - صلى الله عليه وسلم –، وقد آتاهُ الله جوامِعَ الكلِم، وخصّه ببدائع الحِكم، كما في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : (بُعِثْتُ بجوامِعِ الكلم) [2].
قال الزهري – رحمه الله تعالى - جوامِعِ الكلم – فيما بلغنا أن الله يجمعُ له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين، ونحو ذلك".

ومن يتأمّل خطبَهُ صلوات الله وسلامه عليه –يجد فيها الوفاء والنصحَ والبيان، وكان يخطبُ في كلّ وقتٍ بما تقتضيه حاجةُ المُخاطبين ومصلحتهم، إلا أنها في الجملة كان مدارها على حمد الله والثناء عليه بآلائه، وأوصاف كماله، ومحامده، وتعليم قواعد الإسلام وذكر الجنة والنار، والمعاد، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه.

والحج مناسبة كريمة وفرصة ثمينة للنصح والتوجيه والوعظ، والتنبيه والتعليم والإرشاد، إذ القلوب فيه مُقبلة والنفوس مطمئنة، والرغبة في الخير شديدة.

فحَريٌّ بالدعاة إلى الله- تعالى – أن تتضافر جهودهم، وتتوافر هِمَمُهم وفي هذا الموسم المبارك نصحاً وتعليماً، وإرشاداً وتوجيهاًً مُقتَفِياً آثار نبيهم الكريم مهتدينَ بهديه القويم، وأن يكون مُرتكزُ كلامهم ما دعا إليه، ومِحْوَرُ نُصحهم وبيانهم ما أرشد إليه، إذ هو – عليه الصلاة والسلام - أنصَحُ الناس للناس، بل هوَ قدوَةُ الناصحين، وإمام المُرشدين.

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [سورة الأحزاب 21].

وقد كان لخطبِ النبي - صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع على وجه الخصوص شأنٌ عظيمٌ، إذ هيَ وصيّةُ مُوَدّعٍ لمُوَدّع، يستقصي ما لا يستقصي غيره في القول والفعل. وقد عرض في خطبته في حجة الوداع بذلك فقال : (فإني لا ادري لعلّي لا أحجّ بعد حجتي هذه) [3].

وطفق يُوَدّع الناس، فقالوا هذه حجة الوداع، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما – في شأن هذه الخطبة : (فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته - صلى الله عليه وسلم – إلى أمته).
[4].

يُتبع – إن شاء الله تعالى -.
_________

[1] خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (9 - 11)
[2] "صحيح البخاري" رقم (2977) و " صحيح مسلم " رقم ( 523)
[3] " صحيح مسلم " رقم (1297).
[4] "صحيح البخاري" رقم (1739).

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-31-2011 05:08 AM

ويدلّ على أهمية خطبة حجة الوداع وعظيم شأنها أمور عديدة منها :
 
ويدلّ لأهمية هذه الخطبة وعظيم شأنها أمورعديدة منها : [1]

أولاً :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم – ودّعَ الناس على إثرها، فهي وصيّة مُوَدّع كما سبق إيضاحُ ذلك.

ثانياً : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – استنصتَ الناس، أي طلب منهم أن ينصتوا ففي الصحيحين مِن حديث جرير بن عبدالله البجلي - رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال له في حجة الوداع : (استنصِتِ الناس) [2] مما يدلّ على أهميّة الأمر، حيثُ أن الخطبة كانت مُشتملة على صلاح الناس وسعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة، ناسبَ أن يأمرهم بالإنصاتٍ الذي يُؤَثّر فيهم العِلمَ والإنتفاع، ومن ثُمّ العمل والإرتفاع، وقد نُقِلَ عن سفيان الثوري وغيره أنه قال : (أول العلم الإستماع، ثمّ الإنصات ثمّ الحفظ، ثمّ العمل، ثمّ النشر).

ثالثاً : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كانَ في خطبته تلك يتطاوَل مِن أجل إسماع الناس، ففي المُسنَد عن أبي أمامــة - رضي الله عنه – قال : سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يخطبُ الناس في حجة الوداع وهو على الجدعاء واضعٌ رجله في غِرازالرحل يتطاول يقول : (ألا تسمعون).[3]

رابعاً : أن الله فتحَ أسماعَ الناس في ذلك اليوم، فكانوا يسمعون كلامه - صلى الله عليه وسلم – وهم في منازلهم، ففي سنن النسائي عن عبد الرحمن بن مُعاذ - رضي الله عنه – قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بمنى ففتحَ الله أسماعنا، حتى إن كنا لنسمعُ ما يقول ونحنُ في منازلنا)[4] .


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.

_________

[1] انظر : [كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (11 – 13)].
[2] "صحيح البخاري" (رقم 121) و "صحيح مسلم" : " رقم (65).
[3] مُسند الإمام أحمد : (5 / 251) وصححه الألباني انظر : الصحيحة (867).
[4] "سنن النسائي" رقم (2996) وصححه الألباني في سنن النسائي" (2/ 340).

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-05-2011 02:59 PM

ويدلّ على أهمية خطبة حجة الوداع وعظيم شأنها أمور عديدة : تتمــــّــــة
 
ويدلّ لأهمية هذه الخطبة وعظيم شأنها أمورعديدة منها : [1]

خامساً :
أنه - صلى الله عليه وسلم – أخذ من يُبلّغ عنه ففي سنن أبي داود عن رافع بن عمرو المزني قال : (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعليّ – رضي الله عنه – يُعبّر عنه، والناس بين قاعد وقائمٍ. [2]
وقوله : "وعليّ – رضي الله عنه – يُعبّر عنه" : من التعبير، أي يُبلّغ عنه حديثه مَن هو بعيدٌ مِنَ النبي - صلى الله عليه وسلم – .

سادساً : قوله - صلى الله عليه وسلم – في الخطبة : (ألا هل بلّغت ؟) قالوا : نعم. قال : (اللهم اشهد) [3] ، وتكراره لذلك.

سابعاً : أمرُهم بأن يُبلّغ الشاهد منهم الغائب، ففي حديث أبي بكرة –رضي الله عنه – في الصحيحين قال - عليه الصلاة والسلام - : (فليُبَلّغ الشاهدالغائب، فربّ مُبلّغٍ أوعى مِن سامع). [4]

ثامناً : استعماله - صلى الله عليه وسلم – في خطبته أسلوب الحض والتنبيه وشد الإنتباه، (ألا هل بلّغت ؟)، (ألا ليُبَلّغ الشاهدالغائب)، (ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض). وتكرر مثلُ هذا في مواضع مِن خطبته.
وكذلك أساليب التوكيد كقوله : (إن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).[5]
وفي هذا ما فيه مِن الإهتمام وتقوية الكلام وتثبيته في أذهان سامِعيه.

تاسعاً :التأمّل في مضامين هذه الخطبة العظيمة، ودلالاتها المُباركة، حيثُ قرّر فيها صلوات الله وسلامه عليه، قواعد المِلّة الحنيفية، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية.
وقرّر فيها تحريم المحرّمات التي اتفقت الملل على تحريمها إلى غير ذلك مِن المضامين العظيمة التي اشتملت عليها خطبته، مما سنقف على جملته من خلال هذه الرسالة بإذن الله - تعالى -.
فكلّ ذلك يدلّ دلالة واضحة على أهميــة شأن خطبــة النبي - صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع، وأهميــة العنايــة بها، وأن الحاجة ماسّة إلى معرفتها في حقّ كل مسلم صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، رزقنا الله البصيرة بسنته والإهتداء بهديه.


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.

________

[1] انظر : [كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (13 – 15)].
[2] "سنن أبي داود" رقم (1956) وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح أبي داود (1/ 549).
[3][4][5]" صحيح البخاري" رقم (1741)، وصحيح مسلم (رقم 1679).

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-05-2011 04:30 PM

خطبــــــة يوم عرفــــــــة :
 

[ 2 ]
خطبــــــة يوم عرفــــــــة : [1]

إن من خطب النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحج خطبته يوم عرفه وذلك فيما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – من حديه الطويل الذي وصف فيه حجة النبي - صلى الله عليه وسلم – مِن خروجه مِن المدينة إلى أن رجع منها، وحديثٌ عظيمٌ مشتملٌ على جُمَلٍ مِن الفوائد، ونفائس مِن مُهِماتِ القواعد، وهو مخرّجٌ في صحيح مسلم – رحمه الله تعالى -. [2]

قال جابر – رضي الله عنه – في سياق هذا الحديث : حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال : (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا : ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟) قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : (اللهم اشهد اللهم اشهد)، ثلاث مرات، ثمّ أذّن، ثمّ أقام فصلى الظهر، ثمّ أقام فصلى العصر).

وهي خطبة عظيمة تضمّنت أصولاً عظيمة، وقواعد جليلة، وآداباً كريمة، قال العلاّمـــة ابن القيّم رحمه الله في وصف هذه الخطبة وبيان مضامينها إجمالاً : [فخطب الناس وهو على راحلته خطبة عظيمة، قرّر فيها قواعد الإسلام، وهَدَمَ فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرّرَ فيها تحريم المُحرّمات التي اتفقت المللُ على تحريمها وهي الدماءُ والأموالُ والأعراض.
ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه، ووضع فيها ربا الجاهلية كله وأبطله، وأوصاهم بالنساء خيرا، وذكر الحقّ الذي لهنّ والذي عليهن، وأنّ الواجب لهنّ الرزقُ والكسوة بالمعروف، ولم يُقدّر ذلكَ بتقدير، وأباحَ للأزواج ضربهنّ إذا ادخلنَ إلى بيوتهنّ مَن يكرهه أزواجهنّ.
وأوصى الأمـــــة فيها بالإعتصام بكتاب الله ، وأخبر أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين به، ثمّ أخبرهم أنهم مسؤولون عنه، واستنطقهم : بماذا يقولون، وبماذا يشهدون، فقالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فرفع إصبعه إلى السماء، واستشهد عليه ثلاث مرات، وأمرهم أن يُبلّغ شاهدهم غائبهم". [3]
اهـ كلامه – رحمه الله -.


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.

_________

[1] انظر : [كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (16 – 18)].
[2] " برقم (1218).
[3] " زاد المعاد (2/ 233).

سلاف الخير 11-05-2011 09:14 PM

بارك الله فيكِ أمي الفاضلة (أم عبدالله نجلاء الصالح) على هذه الباقة الجميلة من الخطب والمواعظ نفعنا الله بها، وجزاكِ خير الجزاء.
[محتوى - المدح - مخفي مُسبقاً]
ابتسامـــــة

تقبل الله منّا ومنك
وعيدك مبارك.

ولا تنسي العيدية -^-

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-08-2011 11:32 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلفية وافتخر (المشاركة 154763)
بارك الله فيكِ أمي الفاضلة (أم عبدالله نجلاء الصالح) على هذه الباقة الجميلة من الخطب والمواعظ نفعنا الله بها، وجزاكِ خير الجزاء.
[محتوى - المدح - مخفي مُسبقاً]
ابتسامـــــة

تقبل الله منّا ومنك
وعيدك مبارك.

ولا تنسي العيدية -^-

وفيكم بارك الله ابنتي الحبيبة سلفية وافتخر، ولك بمثل ما دعوت وزيادة، وشكر الله لك المرور والدعاء
وجزاك الله عني خير الجزاء.

خيرًا فعلت يا الغاليــــة، أضحك الله سنك، وجعلك مِن سعداء الدنيا والآخرة.

وأبشري، تكرَمي يا أم عبدالله، أعاده الله عليك وعلى الأهل والأخوات الفاضلات في منابر السلفيات بالخير واليمن والبركات، وجعل كل أيامكن أفراحًا ومسرّات.

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-08-2011 11:40 AM

خطبــــــة يوم عرفــــــــة - تتمـــّـــــة
 
خطبــــــة يوم عرفــــــــة [1]

وقد تضمّنت هذه الخطبة جملاً مهمــّــة مِنَ أمور الدين وآدابه، وهي كما يلي - على ضوء ترتيبها في الحديث :

الأولى : تحريم دماء المسلمين وأموالهم، وأكّد – عليه الصلاة والسلام – تأكيداً بالغاً : (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) وكلهم يُدرك حرمة بلد الله الحرام، وتضاعُف هذه الحرمة في اليوم الحرام، وفي الشهر الحرام، فحُرمــــة دم المُسلم وماله شديدة، كحرمـــة بلد الله الحرام في اليوم الحرام، وفي الشهر الحرام، فما أعظمها حرمة !.

الثانية : وضع كل شيئ مِن أمر الجاهليـــة وإبطاله : (ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا : ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله) ففي هذه الجملة إبطالُ أفعال الجاهلية وبيوعها التي لم يتصّل بها قبض، وأنه لا قصاص في قتلها.
وقوله : " تحت قدمي موضوع" إشارة إلى إبطاله.
وقوله في الربا : (فإنه موضوع كله) : المراد بالوضع : الردّ والإبطال.

الثالثة : الوصيــــّــة بالنساء، والحثّ على الإحسان إليهنّ : (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) وهذه الجملة فيها مراعاة حقّ النساء، والوصيـــة بهنّ، ومعاشرتهنّ بالمعروف،، وقد جاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة في الوصيـــّــة بالنساء، وبيان حقوقهنّ والتحذير مِن التقصير في ذلك.

الرابعة : الوصيــــّـــة بكتاب الله – عزّ وجلّ – الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِن خلفه تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميد : (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله)، والقرآن كتاب هداية جعله الله مُرشدًا للعباد إلى كلّ طريقٍ نافعٍ، وسبيلٍ قويم، يُفرقون به بين الحقّ والباطل، والهدى والضلال، والخير والشرّ، فمن تمسّكَ به هُدِيَ، ومن اعتصمَ به لم يضلّ، ومَن اتبعه لا يشقى،وإنما اقتصر على الكتاب لأنه مُشتمِلٌ على العمل بالسنّة، فمن لم يعمل بالسنّة لم يعمل بالكتاب.

وكذلك في قوله : (وأنتم تسألون عني) دلالة على العمل بالسنة.

الخامسة : إخبارهم بأنهم مسؤولون عنه - صلى الله عليه وسلم –، واستنطاقهم بماذا يُجيبون (وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ ) قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : (اللهم اشهد، اللهم اشهد)، ثلاث مرات.

وقوله : (وأنتم تسألون عني) أي عن تبليغي للرسالة.
وقولهم : (قد بلغت) أي الرسالة،
وأديت : أي الأمانة
ونصحت : أي : الأمة.
وقوله : (اللهم اشهد) أي : على عبادك بأنهم قد أقرّوا بأني قد بلّغت، وكفى بك شهيدا.


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.

________

[1] انظر : [كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (18 – 21)].

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-08-2011 12:00 PM

خمس خصال موجبة لدخول الجنة.
 
من خطب النبي - صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع :
[6]
خمس خصال موجبة لدخول الجنة [1]

ومما ورد في ذكر خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب في حجة الوداع فقال : اتقوا الله ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم). [2] رواه الترمذي وقال حسن صحيح. ورواه أحمد والحاكم بلفظ : (اعبدوا ربكم). [3]

وهي وصية جامعة في ذكر موجبات دخول الجنة وأسباب الظفر بنعيمها، والفوْز بخيراتها، وملذاتها، وهي الدار التي اعدّها الله لعباده المُطيعين، وأوليائه الصالحين، وجعل فيها من النعيم الكريم والثواب العظيم، ما لا عينٌ رأت ولا اذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سورة السجدة : 17].
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث : (تدخلوا جنة ربكم).إضافة الجنة إلى الله – سبحانه -، وهذا فيه تشريفٌ لها، وتعليةٌ لشأنها، ورفعٌ لقدرها.


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.

_________

[1] انظر : [كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (42 – 43)].
[2] "سنن الترمذي" رقم (616) وصححه الألباني – رحمه الله في "صحيح سنن الترمذي" (1/ 337).
[3] "مسند أحمد" (5/ 215)، ومستدرك الحاكم" (1/9) وصححه الألباني – رحمه الله في " الصحيحة (867).

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-20-2011 01:48 PM

خمس خصال موجبة لدخول الجنة - 1. التقوى
 
خمس خصال موجبة لدخول الجنة
[6]
تتمــــّــــة [1]

وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم – خمسة أسباب عظيمة لدخول الجنة، ونيل ما فيها من ثواب ونعيم .

الأول : قوله : (اتقوا ربكم) أي : بفعل أوامره، والبعد عن نواهيه، فأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقايَةٌ تَقيهِ مِنه.
وتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه مِن ربه مِن غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه مِن ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه، كما قال طلق بن حبيب - رحمه الله تعالى - : [تقوى الله عمل بطاعة الله على نور مِن الله، رجاء رحمة الله، وتركُ معصية الله على نور مِن الله خيفة عقاب الله] [4]
.
فتقوى الله – عزّ وجلّ – جدّ واجتهاد ونصحٌ للنفس بطاعة الله، والتقرّب إلى الله بما يُرضيه، ولا سيّما فعل الفرائض والواجبات، والعد عن المعاصي والمنكرات.

ويدخل في تقوى الله الإيمان بأصول هذا الدين وعقائده القويمة، والقيام بشرائع الإسلام وعبادته، فكل ذلك خصال التقوى ومن أوصاف المتقين، كما قال الله – تعالى - : ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [سورة البقرة 177].


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.

الثاني قوله : وصلوا خمسكم

_________

[1] انظر : [كتاب خطب ومواعظ من حجة الوداع ص (43 – 44)].
[2]
رواه عبدالله بن المبارك في "الزهد" رقم (1343) وهنّاد بن السريّ في "الزهد" رقم (532). وصححه الألباني – رحمه الله - في " تخريج كتاب الإيمان" لابن أبي شيبة (ص 39).


الساعة الآن 02:28 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.